للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يخطب خطبتين ويجوز أن يعلم بالواو؛ لأن القاضي الروياني ذكر في التجربة أنه يجب أن يكون جلوسة بقدر قراءة سورة "الإخلاص"، ولا يجوز أقلّ منه، ونسبه إلى النص.

ومنها: أن يعتمد على سيف أو عنزة وهي شبه الحربة أو عصَا أو نحوها، روي أنه -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى عَنْزَتِهِ اعْتِمَاداً" (١).

وروي: "أَنَّهُ اعتَمَدَ عَلَى قَوْسٍ فِي خُطْبَتِهِ" فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئاً سكن جسده ويديه إما بأن يجعل يده اليمنى على اليسرى، أو يقرهما مرسلتين، والغرض أن يخشع ولا يَعْبَث بهما، وإذا شغل إحدى يديه بسيف أو ما في معناه شغل الأخرى بحرف المنبر، وبأيتهما يقبض السَّيْف ونحوه، لم يتعرض الأكثرون لذلك، وذكر في "التهذيب" أنه يقبض باليسرى، وقوله: (بسيف أو عنزة) في بعض النسح أو غيره، ولا بأس به أيضاً وينبغي للقوم أن يقبلوا على الخطيب (٢) مستمعين، لا يشتغلون بشيء آخر، حتى يكره الشرب للتلذذ ولا بأس به للعطش لا للقوم ولا للخطيب (٣).


(١) أخرجه البيهقي في المعرفة من رواية عن عطاء، وهذا مرسل وضعفه، خلاصة البدر (١/ ٢١٦) والتلخيص (٢/ ٦٥).
(٢) أخرجه أبو داود من رواية الحكم بن حزن (١٠٩٦) وصححه ابن المسكن، انظر خلاصة البدر (١/ ٢١٦) والتلخيص (٢/ ٦٤ - ٦٥).
(٣) يكره في الخطبة أموراً ابتدعها الجهلة. منها التفاتهم في الخطبة الثانية، والدق على درج المنبر في صعوده، والدعاء إذا انتهى إلى صعوده قبل أن يجلس. وربما توهموا أنها ساعة الإجابة، وهذا جهل فإن ساعة الإجابة إنما هي بعد جلوسه، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. ومنها: المجازفة في أوصاف السلاطين في الدعاء لهم. وأما أصل الدعاء للسلطان فقد ذكر صاحب "المهذب" وغيره: أنه مكروه. والاختيار: أنه لا بأس به إذا لم يكن فيه مجازفة في وصفه، ولا نحو ذلك، فإنه يستحب الدعاء بصلاح ولاة الأمر. ومنها: مبالغتهم في الاسراع في الخطبة الثانية. وما الاحتباط والإمام يخطب، فقال صاحب "البيان": لا يكره، والصحيح: أنه مكروه، فقد صح في "سنن أبي داود" والترمذي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نهى عن الاحتباء والإمام يخطب، قال الترمذي: حديث حسن. وقال الخطابي من أصحابنا: فهي عنه؛ لأنه يجلب النوم، فيعرض طهارته للنقض، ويمنعه استماع الخطبة. ويستحب إذا كان المنبر واسعاً، أن يقوم على يمينه. قاله القاضي حسين، وصاحب "التهذيب" ويكره للخطيب أن يشير بيديه، قال في التهذيب: يستحب أن يختم الخطبة بقوله: أستغفر الله لي ولكم. وذكر صاحبا "العدة"، و"البيان" أنه يستحب للخطيب إذا وصل إلى المنبر، أن يصلي تحية المسجد ثم يصعده، وهذا الذي قالاه، غريب، وشاذ، ومردود، فإنه خلاف ظاهر المنقول عن قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والخلفاء الراشدين، ومن بعدهم، ولو أغمي على الخطيب. قال في "التهذيب" في بناء غيره على خطبته، القولان في الاستخلاف في الصلاة، فإن لم نجوزه استؤنفت الخطبة، وإن جوزناه اشترط أن يكون الذي يبني سمع أول الخطبة، هذا كلامه في التهذيب، والمختار أنه لا يجوز البناء هنا، قاله النووي. الروضة (١/ ٥٣٧، ٥٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>