رتب الوعيد بالنار عليه ويساوي في المنع الرجال والنساء لشمول معنى الخُيَلاَءِ وإن جاز للنساء التَّحَلّي بالذهب والفضة تزينا كما أن افتراش الحرير يحرم عليهن، كما يحرم على الرجال، ولا يحرم اللبس عليهن، ثم الخبر وإن ورد في الأكل والشرب منهما، فسائر وجوه الاستعمال في معناهما، كالتوضي والأكل بملعقة الفضة، والتَّطَيُّبُ بِمَاءِ الوَرْدِ مِنْ قَارُورَةِ الفِضَّةِ، وَالتَّجَمّرُ بِمِجْمَرَةِ الفِضَّةِ، إذا احتوى عليها، ولا حرج في إتيان الرائحة من بعد، وهل يجوز اتخاذ الأواني الذهبية والفضية؟ إن قلنا: لا يحرم استعمالها على القديم فيجوز، وإن قلنا: يحرم فوجهان:
أحدهما: يجوز لجمع المال وإحرازه كيلا يتفرق.
والثاني: وهو الأصح والمذكور في الكتاب أنه لا يجوز، لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه كآلات الملاهي فإن قيل آلات الملاهي تتشوف النفس إلى استعمالها، بخلاف الأواني.
قيل: لا نسلم أن الأواني لا تتشوف النفس إلى استعمالها، بل الواجد لها يَلْتَذُّ باستعمالها واحتجوا لهذا الوجه أيضاً: بأنه لا خلاف في وجوب الزكاة فيها ولو كان اتخاذها مُبَاحاً, لكان وجوب الزكاة فيها على القولين في الحُلْى المباح، وعلى الوجهين يبنى جواز الاستئجار على اتخاذها، وغرامة الصنعة على من كسرها، إن قلنا: يجوز اتخاذها جاز الاستئجار ووجب الغرم وإلا فلا وفي جواز تزيين البيوت، والحوانيت، والمجالس بها وجهان؛ لأنه ليس باستعمال، لكن السَّرَفَ وَالخُيَلاَءَ يكاد يكون أبلغ، ثم في كلام بعضهم بناء الخلاف في الاتخاذ على هذا الخلاف ان حرمناه فلا منفعة فيها بحال، فلا يجوز اتخاذها، وإلا فيجوز، ويجوز أن يعكس هذا البناء، فيقال: إن حرمنا الاتخاذ حرم التزيين؛ لأن ما حرم اتخاذه يجب إتلافه، والتزيين يتضمن الإِمْسَاكَ، وإن أبحنا الاتخاذ فلا منع إلا من الاستعمال.
وقال إمام الحرمين -رحمة الله عليه- الوجه عندي تحريم التزيين بها للسرف، مع الخلاف في حرمة الصنعة. وأما الأواني المتخذة من سائر الجواهر النفيسة كَالفَيْرُوزج وَاليَاقُوتِ والزَّبَرجَدِ وغيرها، فهل هي في معنى المتخذ من الذهب والفضة؟ فيه قولان، بناهما الأئمة على أن تحريم إناء الذهب والفضة لعينهما، أو لمعنى فيهما؟
قالوا: وفيه قولان: الجديد: أن لعينهما؛ اختصاصهما بتقويم الأشياء بهما، ووجوب حق المعدن فيهما وجعلهما رأس مال القراض ونحو ذلك.
والثاني: أنه لمعنى فيهما، وهو السرف والخيلاء، فعلى الأول لا يحرم ما اتخذ من غيرهما من الجواهر النفيسة وعلى الثاني يحرم، واعتبر العراقيون والإمام معنى السرف والخيلاء لا محالة، وقالوا: حسم باب المعنى مع ظهوره بعيد، لكن وجه