للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهل يطوّل السجود في هذه الصلاة؟ فيه قولان ويقال: وجهان:

أظهرهما -وهو المذكور في الكتاب-: لا، كما لا يزيد في التَّشهد، ولا يطول القَعْدَة بين السَّجدتين.

والثاني وبه قال ابن سريج-: نعم؛ لأنه منقول في بعض الروايات مع تطويل الركوع أورده مسلم في "الصحيح" ويحكي هذا القول عن رواية "البويطي" ونقله أبو عيسى التِّرمذي في "جامعه" عن الشَّافعي -رضي الله عنه- أيضاً (١).

قال الغزالي: وَيُسْتَحبُّ أَنْ تُؤَدَّى بِالْجَمَاعَةِ، وَأَنْ يَخْطُبَ الإِمَامُ بَعْدَهَا خُطْبَتَيْنِ كَمَا فِي العِيدِ وَلاَ يَجْهَرُ (م) فِي صَلاة الكُسُوفِ وَيَجْهَرُ فِي الخُسُوفِ.

قال الرافعي: في الفصل ثلاث مسائل:

إحداها: أنه يستحب الجماعة في صلاة الخسوفين.

أما في خسوف الشمس فقد اشتهر إقامتها بالجماعة عن فعل رسول الله وكان يُنَادَى لَهَا الصَّلاةَ جَامِعَةً (٢).

وأما في خسوف القمر، فلما روي عن الحسن البصري قال: "خَسَفَ الْقَمَرُ وابن عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- بالبَصْرَةِ، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ ركعةٍ رُكُوعَانِ، فَلَمَّا فَرَغَ


= أن كلام الرافعي قد يحمل على ما قاله الماوردي بأن يقال الرفع للأول قيام وليس باعتدال في الاصطلاح إنما الاعتدال بقول الثاني. قال في المهمات: وأغرب العجلي فحكى الخلاف في الاعتدال من الركوع الثاني وصحح أنه يستحب لصحة الحديث فيه، لكن في القوت ما يخالفه حيث قال، وحكى العجلي عن بعض المصنفين أنه لا يقول في الركوعين الزائدين سمع الله لمن حمده. قال: وأخطأ فيه، ومقتضاه حكاية الخلاف في الركوعين الزائدين خاصة.
(١) قال النووي: الصحيح المختار له، أنه يطول السجود في هذه الصلاة، وقد ثبت في إطالته أحاديث كثيرة في "الصحيحين" عن جماعة من الصحابة، ولو قيل: إنه يتعين الجزم به، لكان قولاً صحيحاً، لأن الشافعي -رضي الله عنه- قال: ما صح فيه الحديث، فهو قولي ومذهبي. فإذا قلنا بإطالته، فالمختار فيها ما قاله صاحب "التهذيب" أن السجود الأول كالركوع الأول، والسجود الثاني كالركوع الثاني، وقال الشافعي -رحمه الله- في البويطي: إنه نحو الركوع الذي قبله، وأما الجلسة بين السجدتين فقد قطع الإمام الرافعي بأنه لا يطولها. ونقل الغزالي الاتفاق على أنه لا يطولها. وقد صح في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك. وأما الاعتدال بعد الركوع الثاني، فلا يطول بلا خلاف، وكذا التشهد. الروضة (١/ ٥٩٤).
(٢) أخرجه البخاري (١٠٦٦)، ومسلم (٤/ ٩٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>