للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أهل القُرى والبَوَادِي والأَمصار ولا بين المقيمين والمسافرين، ويُسنُّ لهم جميعاً الصلاة والخطبة له لاستواء الكلِّ في الحاجة. وقوله في الكتاب: "وهي سنة" أُعلم بالحاء لرجوعه إلى ترجمة الباب وهي صلاة الاستسقاء. وقد حكينا عن أبي حنيفة أن الصلاة غير مسنونة. وقوله: "عند انْقِطَاع المِيَاهِ".

بيان لِلسَّبب الدَّاعي إلى الاسْتِسْقَاء وعمم به ما إذا انقطع المطر، وما إذا غارت العُيُون في ناحية أو انبثقت الأنهار ونحوها؛ لحصول الضّرار بجميع ذلك، ولا بد من قيد في قوله: "عند انقطاع المياه" وهو أن تمسّ الحاجة إليها في ذلك الوقت وإلاَّ فلا يستسقون، ثم في الفصل مسائل: أحدها: إذا انقطع المياه عن طائفة من المُسْلِمِين استحبّ لغيرهم أن يصلوا وَيَسْتَسْقوا لهم ويسألوا الزيادة لأنفسهم (١).

روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَرْجَى الدُّعَاءِ دُعَاءُ الأخَ لِلأْخ بِظَهْرِ الْغَيْب" (٢)، وقد اثنى الله -تعالى جدّه- على الدّاعين لإخوانهم بقوله: "رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ" (٣).

الثانية: إذا استسقوا فسقوا فذاك وإن تأخرت الإجَابة استسقوا وصلّوا ثانياً وثالثاً حتى يسقيهم الله -تعالى جدّه- فإنَّ الله يحب المُلحِّينَ في الدعاء. وحكى القَاضِي ابْنُ كَجٍّ وجَّهَا آخر: أنهم لا يفعلون ذَلك إلا مرّة واحدة إذ لم ينقل زيادة عليها، ثم على


(١) فائدة: قال في شرح المهذب: قال أصحابنا: يستحب لأهل الخصب أن يدعوا لأهل الجدب نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب، وهكذا عبارة أن يدعوا لأهل الجدب ولم يتعرضوا للصلاة، وظاهر كلامهم أنها لا تشرع الصلاة، وقال في الأم: يستسقى أهل الخصب لأهل الجدب، وكذا قال في المختصر، ولم أر من صرح بالصلاة إلاَّ الرافعي لإشعار كلام الإمام والغزالي به، فإن الإمام ذكر أن الشافعي قال، إذ بلغنا أن طائفة من المسلمين في جدب يحسن أن نخرج ونستسقي لهم وإن لم نبل بما ابتلوا به فإن المسلمين كنفس واحدة. قال في القوت: وهذا اللفظ إن ثبت عن النص دل على ذلك لأن الخروج للاستسقاء يكون معه الصلاة. لكن لم أر من ذكره هكذا عن الإمام والذي اقتفاه كلام القاضي أبي الطيب وأصحاب الشامل والبيان والانتصار والتتمة وغيرها أن الاستسقاء لهم يكون بالدعاء حيث هو الصحيح المختار ولا أعرف أثراً ولا خبراً في الاستسقاء لأهل النواحي البعيدة بالصلاة. روضة الطالبين (١/ ٦٠١، ٦٠٢)
(٢) أخرجه أبو داود (١٥٣٥)، والبخاري في الأدب (٦٢٣)، والترمذي (٠١٩٨١) بلفظ (إن أسرع الدعاء إجابة دعوة غائب لغائب)، وقال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وفي إسناده الإفريقي، وهو مضعف في الحديث، وفي صحيح مسلم عن أبي الدرداء مرفوعاً. دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه. ملك موكل كلما دعا لأخيه قال الملك الموكل آمين ولك بمثل (٢٧٣٢).
(٣) سورة الحشر، الآية ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>