واعلم أنَّ هذا الوجه الثَّالث لم يذكره الجُمْهُور، وليس في لفظ الشافعي -رضي الله عنه- تعرُّض له، والوجه حذفه؛ لأن الأمور الثَّلاثة لا يمكن اجتماعها إلا بوضع ما كان منسدلاً على الرأس أو لفه عليه، ومعلوم أنَّ هذه الهيئَةَ غير مأمور بها وليست هي من الارْتِدَاء في شيء، وفيما عدا ذلك لا يجتمع من الأمور الثلاثة إلا أثنان، إما قلب اليمين إلى اليسار مع قلب الظاهر إلى الباطن، أو قلب اليمين إلى اليسار مع قلب الأعلى إلى الأسفل، أو قلب الظَّاهِرِ إلى البَاطِنِ مع قلب الأعلى إلى الأسفل، فإن شككت فيه فجرِّبه يزل شكّك (١)، -[والله أعلم]-.
(١) قال النووي: قال الشافعي والأصحاب -رحمه الله تعالى-: إذا ترك الإمام الاستسقاء، لم يتركه الناس، ولو خطب قبل الصلاة قال صاحب "التتمة": يجوز وتصح الخطبة والصلاة، ويحتج لها بما ثبت في الحديث الصحيح الصريح في "سنن أبي داود" وغيره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب، ثم صلى، وفي صحيحي "البخاري" و"مسلم" أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج يستسقي فدعا، واستقبل القبلة وحوّل رداءه ثم صلى ركعتين قال أصحابنا: وإذا كثرت الأمطار وتضررت بها المساكن والزروع، فالسنة أن يسألوا الله تعالى دفعه: "اللهم حوالينا ولا علينا". قال الشافعي والأصحاب: ولا يشرع لذلك صلاة، ويستحب أن يبرز لأول مطر يقع في السنة، ويكشف عن بدنه ما عدا عورته ليصيبه المطر، وأن يغتسل في الوادي إذا سأل أو يتوضأ، ويسبح عند الرعد والبرق، ولا يتبع بصره البرق، والسنة أن يقول عند نزول المطر: "اللهم صيباً نافعاً" رواه البخاري في "صحيحه" وفي رواية ابن ماجة "صيباً نافعاً" مرتين أو ثلاثاً، فيستحب الجمع بينهما. وقد أوضحت ذلك مع زوائد ونفائس تتعلق به في كتاب "الأذكار" الذي لا يستغني متدين عن معرفة مثله. ويكره يسب الريح، فإن كرهها سأل الله تعالى الخير، واستعاذ من الشر وفي "صحيح" مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا عصفت الريح قال: "اللهم إني أسالك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها وشر ما أرسلت به" ويستحب أن يقول بعد المطر: "مطرنا بفضل الله ورحمته، ويستحب الدعاء عند نزول المطر، ويشكر الله تعالى عليه" ويكره أن يقول: مطرنا بنوء كذا، فإن اعتقد أن النوء هو المطر الفاعل حقيقة، كفر صار مرتداً. الروضة (١/ ٦٠٦ - ٦٠٨).