للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واعلم أن نفي وجوب الغسل أظهر من نفي وجوب الوضوء، ولذلك أرسل صاحب الكتاب ذكر الخلاف في الوضوء، وبين الصحيح في الغسل والنجاسة واجبة الإزالة بكل حال، فلذلك جزم به.

وقوله: "ولم يعد الغسل" معلم بالألف؛ لأن عند أحمد يعاد غسله سبع مرات، ولم يتعرض الجمهور للفرف بين أن تخرج النَّجاسة قبل الإدراج في الكفن أو بعده.

وأشار صاحب "العدّة" إلى تخصيص الخلاف في وجوب الوُضوء وللغسل بما إذا خرجت قبل الإدراج -والله أعلم-.

قال الغزالي: وَأَمَّا الغَاسِلُ، فَلاَ يَغْسِلُ رَجُلٌ امْرَأَةَ إِلا بَزِوجِيَّةٍ (ح) أَوْ مَحْرَمِيَّةٍ أَوْ مِلْكِ يَمِيينٍ فَيُغْسِّلْ مُسْتَولِدَتَهُ وَأَمَتَهُ (ح) وَتُغَسِّلُ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا، وَلاَ تُغَسِّلُ المُسْتَوْلَدَةُ والأَمَةُ سَيدَهُمَا عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ؛ لأَنَّ المَوْتَ يَنْقُلُ مِلْكَ اليَمِينِ وَيُقَرِّرُ مِلْكَ النِّكَاحِ.

قال الرافعي: النَّظر الثاني فيمن يتولى الغسل.

والأصل أن يغسل الرجال الرجال والنساء النساء، وأولى الرجال بغسل الرجل أولاهم بالصَّلاة عليه وسيأتي ترتيبهم فيها، والنساء أولى بغسل المرأة بكل حال؛ عورتها بالإضافة إليهن أخف، وليس للرجل غسل المرأة إلا بأحد أسباب ثلاثة:

أولها: الزوجية، فللزَّوج غسل زوجته خلافاً لأبي حنيفة، وذكر صاحب "الشامل" أن عند أحمد رواية مثل قول أبي حنيفة. والأصح عنه مثل قولنا:

لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لعائشة: "لَوْ مِتِّ قَبْلِي لَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ" (١).

"وَغَسَّلَ عَلِيّ فَاطِمَةَ -رَضِيَ الله عَنْهَا-" (٢) وله ذلك وإن تزوج بأختها أو بأربع سواها في أصح الوجهين ولو كانت الزوجة ذمية فله أن يغسلها إن شاء (٣).

والثاني: المحرمية وسياق الكلام في الكتاب يقتضي تَجْوِيز الغسل للرِّجال المَحَارم مع وجود النِّساء؛ لأن قوله: "لا يغسل رجل امرأة إلا بكذا وكذا مفروض في


(١) أخرجه ابن ماجة (١٤٦٥)، والدارمي (٨١)، وأحمد (٦/ ٢٢٨)، والدارقطني (٢/ ٧٤)، والبيهقي (٣/ ٣٩٦)، وانظر خلاصة البدر المنير (١/ ٢٥٦).
(٢) أخرجه الشافعي (٥٦٠)، والدارقطني (٢/ ٧٩)، والبيهقي (٣/ ٣٩٦)، انظر التلخيص (٢/ ١٤٣).
(٣) اشترط الماوردي من غسل الزوجة الذمية أن يرضي أولياؤها من أهل ملتها. قال في الخادم: ولعل بناه على أحد الوجهين في تقديم رجال المحارم على الزوج في الغسل، فإن قلنا بالأصح وهو تقديم الزوج فلا، فكلام الرافعي جار على المذهب حينئذ انتهى ولاخفاء أن الذمية لا يجب غسلها وإنما يجوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>