للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية مع الإمام" أي لعدم إتمام الفاتحة صبر إلى التكبيرة الثالثة، يعني يتمّها ويؤخر تكبيرته الثّانية إلى أن يكبر الإمام الثالثة، وإلى هذا الوجه صغو إمام الحرمين. إذا عرفت ذلك فأعلم قوله: "صبر" بالواو، واعرف أن ذلك الوجه المشار إليه أظهر.

الثالث: إذا فاته بعض التَّكْبيرات تدارك بعد سلام الإمام، وهل يقتصر على التكبير نسقاً أم يأتي بالدعاء والذكر بينها؟ فيها قولان:

أحدهما: يقتصر على التَّكبيرات، فإن الجنازة ترفع بعد سلام الإمام، فليس الوقت وقت التطويل.

وأصحهما: أنه يدعو لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا" (١).

وكما فاته التّكبيرات فاته الدّعاء، والمستحب أَلاَّ ترفع الجنازة حتى يتم المسبوقون ما عليهم، وإن رفعت لم تبطل صلاتهم، وإن حولت عن قَبَالة القبلة بخلاف ابتداء عقد الصلاة لا يحتمل فيه ذلك والجنازة حاضرة.

المسألة الثانية: لو تخلَّف المقتدي فلم يكبر مع الإمام الثانية أو الثالثة حتى كبر الإمام التكبيرة المستقبلة من غير عذر بطلت صلاته؛ لأن القدوة في هذه الصلاة لا تظهر إلا في التَّكبيرات، وهذا التَّخلف متفاحش شبيه بالتَّخلف بركعة في سائر الصلوات، حكى الإمام المسألة وجوابها عن شيخه وقطع بما ذكره، وتابعهما المصنف -رحمهم الله-.

قال الغزالي: الطَّرَفُ الرَّابعُ، فِي شَرَائِطِ الصَّلاَةِ: وَهِيَ كَسَائِرِ الصَّلَواتِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ الجَمَاعَةُ فِيهَا وَلَكِنْ قِيلَ: لاَ يَسْقُطُ الفَرْضُ إِلاَّ بِأرْبَعَة يُصَلُّونَ جَمْعاً أَوْ آحَاداً، وَقِيلَ: يَسْقُطُ بِثَلاَثٍ، وَقِيلَ: يَسْقُطُ بِوَاحِدٍ، وَفِي الاكْتِفَاءِ بِجِنْسِ النِّسَاءِ خِلاَفٌ.

قال الرافعي: الشرائط المرعيّة في سائر الصلوات كالطهارة وستر العورة والاستقبال وغيرها مرعية في هذه الصلاة أيضاً، وأراد بقوله: "وهي كسائر الصلوات" التسوية فيها دون الأركان والسنن، ويجوز أن يعلّم بالحاء؛ لأن عند أبي حنيفة -رحمه الله- هذه الصلاة تفارق غيرها في أمر الطهارة فيجوز التَّيمم لها عند خوف الفَوَاتِ مع وجود المَاء، ومعظم غرض هذا الطَّرف الكلام فيما وقع الخلاف في اشتراطه في هذه الصَّلاة. إما ما بين أصحابنا أو بيننا وبين غيرنا وفيه مسائل.

منها: أن السُّنَّة أن تقام جماعة كذلك "كان النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- يفعل" (٢) وعليه استمر النَّاس، ولا يشترط فيها الجماعة كسائر الصلوات، وَقَدْ صَلَّى الصَحَابَةُ عَلَى الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم-


(١) تقدم.
(٢) متفق عليه من رواية أبي هريرة في موت النجاشي.

<<  <  ج: ص:  >  >>