بشموئيل، وأنتم تقولون: إنه لم يأت بزيادة ولا نسخ، هل أشفق من أن لا تقبلوه، لأنه إنما أرسل ليقوي أيديكم على أهل فلسطين، وليردكم إلى شرع التوراة؟ ومن هذه صفته، فأنتم أسبق الناس إلى الإيمان به، فليس خوفه من تكذيبكم إلا لمن ينسخ مذهبكم، ويغير أوضاع ديانتكم، فالوصية بالإيمان به مما لا يستغني مثلكم عنه، ولذلك لم يكن بموسى حاجة إلى أن يوصيكم بالإيمان بنبوة "أرميا" و "أشعيا" وغيرهما من الأنبياء، وهذا دليل على أن التوراة أمرتكم بهذا الفصل، بالإيمان بالمصطفى وأتباعه.
ثم قال: في "بذل المجهود" تحت عنوان الإشارة إلى ذكر محمد - صلى الله عليه وسلم -، في التوراة ما حاصله: قال في الجزء الثالث من السفر الأول من التوراة مخاطبًا لإبراهيم الخليل: وأما إسماعيل فقد قبلت دعاءك، فإني قد باركت فيه، وأثمره وأكثره جدًا جدًا، ثم قال في الجزء الثالث من السفر الأول عن التوراة مخاطبًا لإبراهيم عليه السلام:"وليشماعيل شمعيتخا هِنِّي براخْتى أوثو وهِفْريتي أوثو وهِرْ بيتي أوثو بمادماد"
فهذه الكلمة:"بمادماد" إذا عددنا حساب حروفها بالجمل (١) بلغت اثنين وتسعين، وذلك عدد حروف اسم محمد، وإنما جعل ملغزًا في هذا الموضع لئلا تبدله اليهود، وتسقطه من التوراة، كما صنعوا في غيره. فإن قيل: إن كثيرًا من الكلمات في التوراة إذا أخذت حسابها بالجمل بلغت هذا العدد، وهذا دليل على أن عدد هذه الكلمة حصل اتفاقًا لا قصدًا. قلنا: لا نسلم ذلك لأن هذه الكلمة جاءت في معرض الشرف لإسماعيل عليه السلام، والوعد من الله تعالى لإبراهيم بما يكون من شرف إسماعيل، وليس في التوراة آية ثانية بهذا الصدد حتى يكون لها أسوة بها، وأيضًا ليس في التوراة كلمة معناها جدًا جدًا تساوي أعداد حروفها اسم محمد في العدد الحسابي، فليس بعجيب أن تتضمن الإشارة إلى شرف أولاد إسماعيل، وعظم قدرهم، ورفعة بيتهم.
(١) لعل ما قصده صاحب "بذل المجهود في إقناع اليهود"، يقبل مثل هذا ... ولكن إن عمم ووسع فيه فقد يصل بنا إلى ما ذهب إليه الضالون من البهائية في العدد وحساب الجمل، وكله من الأكاذيب.