للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأيضًا فإن التوراة ناطقة بالإشارة إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -، ففي الفصل العشرين من السفر الخامس ما معناه بالعربية: أن الله تجلى من طور سيناء، وأشرق نوره من سيعير، وطلع في فاران، واليهود يعلمون أن سيناء هو جبل الطور، وأن سيعير هو من جبال الشراة، الذي كان فيه بنو العيص الذين آمنوا بالمسيح، لكنهم لا يعلمون أن فاران هو جبل مكة، وهذا جحود منهم حيث إن التوراة صرحت بتفسيره، حيث قالت ما معناه: وأقام، يعني إسماعيل، في برية فاران، ذلك قولها: "وييسب بمذبار فاران" وإذا كانت التوراة فيما سبق أشارت إلى نبوة تنزل على جبل فاران، لزم أن تلك النبوة تنزل على ولد إسماعيل، لأنهم سكان ذلك الجبل، وقد علم الناس قاطبة أن المشار إليه بالنبوة من ولد إسماعيل، هو محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأنه بعث من مكة التي كان فيها مقام إبراهيم وإسماعيل، فيدل ذلك على أن جبال فاران هي جبال مكة، وأن التوراة أشارت في هذا الموضع إلى نبوة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وبشرت به، إلا أن اليهود لجهلهم وضلالهم، لا يحسنون (١) الجمع بين هاتين العبارتين من الآيتين، بل يسلمون المقدمتين، ويجحدون النتيجة، وقد شهدت عليهم التوراة بأنهم شعب عادم الرأي، وليس فيهم فطانة فإنها قالت: "كي بمو أو باذ عيصوث هيّمَا وأين باهَيم تبونا".

وإذا تاملت قوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣)} [التين] تجدها تشير إلى الآية السابقة من التوراة، لأن سيعير كانت محل أشجار التين، والمسجد الأقصى هو مسجد الزيتون، وطور سينين معلوم أنه الذي كلم موسى، والبلد الأمين هو فاران، فحقق ذلك.

ولما نهى الله اليهود عن الكفر بالآيات نهاهم عن الحامل عليه، فقال: {وَلَا تَشْتَرُوا}، أي: لا تستبدلوا {بِآيَاتِي} التي تعلمونها في الأمر باتباع هذا النبي الكريم {ثَمَنًا قَلِيلًا} وهو رئاسة قومكم وما تأخذونه من الملوك وغيرهم، وأشار


(١) في الأصل: "يجوزون"، والتصحيح من "إقناع اليهود" نشر دار الجيل، وأما طبعة دار القلم المطبوعة باسم "بذل المجهود" فقط سقط منه البحث من "وأيضًا" إلى آخر المنقول!

<<  <   >  >>