للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحقيقة السيمياء أمر من أمر الله، أظهر آثاره في العالم الأرضي على سبيل أسماء وأرواح خبيثة، من بواطن الفتن في العلويات من النيرات والكواكب والصورة، وما أبداه منه في علوم وأعمال لا يثبت شيء منه مع اسمه تعالى، بل يشترط في صحته إخلاؤه عن اسم الله وذكره والقيام بحقه، وصرف التحنثات والوجهة إلى ما دونه، فهو لذلك كفر، موضوع فتنة لمن شاء الله أن يفتنه به، حتَّى كانت فتنة اسم السيمياء من هدى الاسم بمنزلة اسم اللات والعزى من هداية اسم الله العزيز، ولله كلية الخلق، والأمر، هدى وإضلالًا، إظهارًا لكلمته الجامعة الشاملة لمتقابلات الأرواح، قسمه إلى دارين، دار نور رحماني من اسمه العزيز الرحيم، ودار نار انتقامي من اسمه الجبار المنتقم {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤)} [الروم: ١٤].

ولما جعل سبحانه من المضرة في السحر ونحوه، كان من المثوبة لمن آمن واتقى من هذه الأمة سورة الفلق والناس المعوذتان حرزًا وابطالًا، وتلقفًا لما يأفك سحر الساحرات عوضًا دائمًا باقيًا لهذه الأمة من عصا موسى، فهما عصا هذه الأمة التي تلقف ما يأفك سحر الساحرات، عوضًا دائمًا بما فيهما من التعويذ الجامع للعوذة من شر الفلق الَّذي من لمحة منه كان السحر مفرقًا، فهما عوذتان من وراء ما وراء السحر ونحوه، وذلك من مثوبة الدفع مع ما أوتوا من مثوبة النفع، ويكاد أن لا يقف مرجاة هذه الآية (١) لهذه الأمة عند غاية من منال الخيرات، ووجوه الكرامات، انتهى كلامه.


(١) الأصل: (رجاة هذه الأمة) والتصحيح من "نظم الدرر".

<<  <   >  >>