للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدًا فليقض" (١). وقال ابن الأثير في "النهاية": ذرعه القيء: سبقه وغلبه في الخروج.

وعن عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه أمر بالإثمد المُرَوَّح (٢) عند النوم، وقال: ليتقه الصائم" (٣). رواه أبو داود والبخاري في "تاريخه".

قال مجد الدين عبد السلام ابن تيمية، في "المنتقى": وفي إسناده مقال قريب، قال ابن معين: عبد الرحمن هذا ضعيف؛ وقال أبو حاتم الرازي: هو صدوق؛ انتهى.

وقال محمد بن مفلح في "الفروع"، قال أحمد وابن معين: حديث منكر، يعني الحديث المذكور؛ ومن ثم اختار شيخ الإسلام، أحمد ابن تيمية - وفاقًا لمالك والشافعي- أن الكحل لا يكون مفطرًا.

قلت: وهو المختار.

فهذه جملة ما ورد في الأحاديث من المفطرات، مما لم يكن معلومًا من الآية الكريمة، فلو ذهب ذاهب، إلى أنه لا فطر في غير ما نص عليه الكتاب والسنة، لكان قد ذهب مذهبًا حقًا صحيحًا، لا غبار عليه.

ويدل قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ} أن ابتداء الإمساك يكون من التبيُّن، فمن شك فيه، وفعل شيئًا من المفطرات، ثم انكشف له أن الفجر كان طالعًا وصامه، أنه لا قضاء عليه، لأنه غياه بتبين الفجر للصائم لا بالطلوع.

وروي عن ابن عباس: أنه بعث رجلين ينظران له الفجر، فقال أحدهما:


(١) هو في "صحيح الجامع الصغير" (٦٢٤٣)، و"مشكاة المصابيح" (٢٠٠٧)، و"إرواء الغليل" (٩٢٣ و ٩٣٠).
(٢) الإثمد: حجر يكتحل به، والمروح أي المُطَيَّب بالمسك، كأنه جُعِل له رائحة تفوح بعد أن لم تكن له رائحة.
(٣) انظر "إرواء الغليل" ٩٣٦.

<<  <   >  >>