قبره" ولك أن تعلم قوله: "كما يدفن" وقوله: "ويصلى عليه" بالألف، لما حكينا عن أحمد -رحمه الله- أنه يكفر بترك الصلاة.
فرعان: أحدهما: قال حجة الإسلام في "الفَتَاوَى": لو امتنع عن صلاة الجُمعة من غير عذر، وقال: أصليها ظهراً لم يقتل؛ لأن الصوم لم يلحق بالصلاة في هذا الحكم، فالجمعة مع أن لها بدلاً وأعذارها أكثر أولى ألا تلحق (١).
الثاني: حكى القاضي الرُّوياني في تارك الوُضُوءِ وجهين:
أصحهما: أنه يقتل؛ لأن الامتناع منه امتناع من الصلاة والله أعلم.
(١) قال النووي: قد جزم الإمام الشاشي في فتاويه بأنه يقتل بترك الجمعة إن كان يصليها ظهراً، لأنه لا يتصور قضاؤها، وليست الظهر قضاء عنها. وقد اختار هذا غير الشاشي، واستقصيت الكلام عليه في أول كتاب الصلاة من شرح "المهذب". ولو قتل إنسان تارك الصلاة في مدة الإمهال، قال صاحب "البيان": يأثم ولا ضمان عليه كقاتل المرتد. وسيأتي كلام الرافعي فيه في كتاب الجنايات -إن شاء الله تعالى-. وإن ترك الصلاة وقال: تركتها ناسياً، أو للبرد أو عدم الماء، أو لنجاسة كانت على، ونحو ذلك من الأعذار، صحيحة كانت أو باطلة، قال صاحب "التتمة": يقال له: صلِّ، فإن امتنع، لم يقتل على المذهب، لأن القتل بسبب تعمد تأخيرها عن الوقت، ولم يتحقق ذلك، وفي وجه: أنه يقتل لعناده. قال: ولو قال: تعمدت تركها، ولا أريد أن أصليها، قتل قطعاً. وإن قال: تعمدت تركها بلا عذر، ولم يقل: ولا أصليها، قتل أيضاً على المذهب، لتحقق جناية. وفيه وجه: أنه لا يقتل ما لم يصرح بالامتناع من القضاء. واعلم أن قضاء من ترك الصلاة بعذر، على التراخي على المذهب، ومن ترك بغير عذر، فيه وجهان: أصحهما عند العراقيين: على التراخي، والصواب ما قاله الخراسانيون: أنه على الفور. وستأتي المسألة في كتاب الحج -إن شاء الله تعالى- كما قدمنا الوعد به في آخر صفة الصلاة، -والله أعلم- ينظر الروضة (١/ ٦٦٩).