للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصِّنفين بكماله دون الآخر فيؤخذ ولا يكلف تحصيل الصنف الثاني وإن كان أنفع للمساكين، ولا يجوز النّزول والصّعود عنه مع الجبران ولا فرق بين أن لا يوجد الصنف الآخر أصلاً وبين أن يوجد بعضه والناقص كالمعدوم، ولا يجوز أن يؤخذ الموجود من الناقص، ويعدل بالباقي إلى الصعود والنزول مع الجبران، إذ لا ضرورة إليه، ولو وجد الصنفان لكن أحدهما معيب فهو كالمعدوم.

والحالة الثانية: أن لا يوجد في ماله شيء من الصّنفين، وفي معناه أن يوجد أو هما معيبان، فإن أراد تحصيل أحدهما بشراء وغيره فوجهان:

أحدهما: يجب تحصيل الأغبط كما يجب على الظَّاهر إخراج الأَغْبَط إذا وجد على ما سيأتي:

وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب يحصل ما شاء من الحقاق أو بنات اللبون، فإنه إذا اشترى أحد الصّنفين صار واجداً له دون الآخر فيجزئه، والوجهان كالوجهين فيما إذا ملك خمساً وعشرين، وليس فيها بنت مَخَاض، ولا ابن لبون، هل يجب تحصيل بنت المَخَاض أم لا؟ يجوز في هذه المسألة أن لا يحصل الحقاق ولا بنات اللبون، ولكن ينزل أو يصعد مع الجبران، وحينئذ إن شاء جعل بنات اللبون أصلاً ونزل منها إلى خمس بنات مَخَاض فأخرجها مع خمس جبراناتا، وإن شاء جعل الحِقَاق أصلاً وصعد منها إلى أربع جِذَاع فأخرجها وأخذ أربعة جبرانات، ولا يجوز أن يجعل الحقاق أصلاً وينزل منها إلى أربع بنات مخاض، مع ثمان جبرانات ولا أن يجعل بنات اللبون أصلاً ويصعد منها إلى خمس جذاع ويأخذ عشر جبرانات لإمكان تقليل الجبْرَان بجعل الجِذَاع بدل الحِقَاق وبنات المخاض بدل بنات اللبون. وحكى الشيخ أبو محمد في "الفروق" وجهاً آخر وهو أنه يجوز النّزول والصّعود فيهما كما لو لزمته حقة فلم يجدها ولا بنت لَبُون في ماله فنزل إلى بنت مخاض فأخرجها مع جبرانين أو لزمته بنت لبون فلم يجدها، ولا حقّة في ماله فيصعد إلى الجذعة فيخرجها ويأخذ جبرانين يجوز والظاهر الأول. والفرق أن في صورتي الاستشهاد لا يتخطّى واجب ماله، وفيما نحن فيه يتخطّى في الصعود، والنزول أحد واجبي ماله.

والحالة الثالثة: أن يوجد الصِّنْفان معاً بصفة الإجْزَاء فقد قال الشّافعي -رضي الله عنه- نصاً: يأخذ السَّاعي ما هو الأَغْبَط منهما لأهل السَّهْمَيْن؛ لأن كل واحد من الصَّنفين فرض نصابه لو انفرد، فإذا اجتمعا روعي الأصلح للمحتاجين، واحتج له بظاهر قوله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (١).


(١) سورة البقرة، الآية ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>