للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن ابن سريج: أن المالك بالخيار يعطي ما شاء منهما، كما أنه بالخيار في الصعود والنُّزول عند فقد الفرض، وأجاب الأصحاب أن المالك ثَمَّ يسبيل من ترك الصُّعود والنزول معاً، بأن يحصل الفرض، وإنما شرع ذلك تخفيفاً للأمر عليه ففوض إليه وهاهنا خلافه. التفريع إن خيرنا المعطي على رأي ابن سريج فيستحب له مع ذلك أن يعطي الأَغْبط إلا أن يكون وَلِيَّ يتيم فيراعى حظه، وإن فرعنا على النّص وهو ظاهر المذهب فلو أخذ السَّاعي غير الأغبط نظر إن وجد تقصير منه بأن أخذه مع العلم بحالة واحدة من غير اجتهاد، ونظر في أن الأغبط ماذا، أو وجد تقصير من المالك بأن دلَّس وأخفى الأغبط لم يقع المأخوذ عن جهة الزَّكاة، وإن لم يوجد تقصير من واحد منهما وقع عن جهة الزَّكاة، هذا ما اعتمده الأكثرون منهم صاحب "المهذّب" وهو الظاهر، وزاد في التَّهذيب شيئاً آخر، وهو أن لا يكون باقياً بعينه في يَدِ السَّاعي، فإن كان باقياً لم يقع عن الزكاة وإن لم يقصر واحد منهما، وهذا قد حكاه الشيخ أبو الفضل بْن عَبْدَان عن ابن خَيْرَان ووراء ما نقلنا من الظَّاهر وجوه أخر:

أحدها: أنه يقع عن الزَّكَاة بكل حال، وإن أخذ من غير اجتهاد حكاه ابن كج وغيره؛ لأنه يجزئ عند الانفراد، فكذا عند الاجتماع وهذا رجوع إلى رأي ابن سريج.

والثاني: لا يقع عن الزَّكاة بحال؛ لأنه ظهر أنَّ المأخوذ غير المأمور به.

والثالث: إن فرقة على المستحقّين ثم ظهر الحال حسب عن الزَّكاة بكل حال وإلاَّ لم يحسب، والفرق عسر الاسْتِرْجاع.

والرابع: عن أبي الحسين بن القطَّان عن بعض الأصحاب: أنه إن دفع المالك مع العلم بأنه الأدنى لم يجزه، وإن كان السَّاعىِ هو الذي أخذ جازِ، ويقرب عن هذا عد صاحب "التَّهْذيب" مجرَّد علم المالك بحالة تقصيراً مانعاً من الإجزاء، وإن لم يوجد إخفاء وتدليس. وفي كلام الصيدلاني وغيره ما ينازع فيه إذا أخذه السَّاعي بالاجتهاد، فهذا بيان الاختلافات في هذا الموضع. التَّفْريع حيث قلنا: لا يقع المأخوذ عن الزَّكَاة فعليه إخراج الزكاة، وعلى السَّاعي ردُّ ما أخذه إن كان باقياً وقيمته إن كان تالفاً، وحيث قلنا: يقع فهل يجب إخراج قدر التَّفاوت؟ فيه وجهان:

أحدهما: أنه يستحب ولا يجب؛ لأن المخرج محسوب عن الزكاة فيغني عن غيره كما إذا أدى اجتهاد الإمام إلى أخذ القيمة وأخذها لا يجب شيء آخر.

وأصحهما: أنه يجب لنقصان حتى أهل السَّهْمين، قال الأئمة: وإنما يعرف قدر التفاوت بالنَّظَرِ إلى القِيمَة، فإذا كانت قيمة الحقاق أربعمائة وقيمة بنات اللبون أربعمائة وخمسون وقد أخذ الحقاق فقدر التفاوت خمسون. التّفريع: إن كان قدر التَّفاوت يسيراً لا يؤخذ به شِقْص من ناقة دفع الدَّراهم للضّرورة. وحكى إمام الحرمين -رحمه الله-

<<  <  ج: ص:  >  >>