بقاء شيء من الأمهات ولو واحدة، وإن لم يشترط بقاء النصاب.
وعند أحمد -رحمه الله- روايتان:
أصحهما: كمذهبنا والأخرى كمذهب أبي حنيفة -رحمه الله-، وسيأتي هذا الأول بشرحه في "شرط الحول" -إن شاء الله تعالى- ويمكن أن تصور هذه الحالة في صورة أخرى، وهي أَنْ يملك نِصَاباً من صغار المَعز ويمضي عليها حول فتجب فيها الزكاة، وإن لم تبلغ سن الإجزاء فإن الثنية من المعز على أظهر الأوجه التي سبقت هي التي لها سنتان، وهذه الصورة لا تستمر على مذهب أبي حنيفة -رحمه الله- أيضاً؛ لأن عنده لا ينعقد الحَوْل على الصّغار من المواشي، وإنما يبتدئ الحَوْل من وقت زوال الصغر. إذا عرف التصوير ففيما يؤخذ وجهان. وقال صاحب "التهذيب" وغيره: قولان:
القديم: أنه لا يؤخذ إلاَّ كبيرة؛ لأن الأخبار الواردة في الباب تقتضي إيجاب الأسْنَان المقدرة من غير فرق بين أن تكون الماشية صغاراً أو كباراً، وعلى هذا تؤخذ كبيرة هي دون الكبيرة المأخوذة من الكبار في القيمة، كذا إذا انقسم ماله إلى صغار وكبار يأخذ الكبيرة بالقسط على ما سبق في نظائره فإن لم توجد كبيرة بما يقتضيه التقسيط يؤخذ منه القيمة للضرورة، ذكره المَسْعُودِيّ في "الإفصاح".
والجديد: أنه لا يشترط كونها كبيرة بل يجوز أخذ الصَّغيرة من الصّغَار كما يجوز أخذ المريضة من المِرَاض، وعلى هذا فتؤخذ مطلقاً أم كيف الحال؟ قطع الجمهور بأخذ الصَّغيرة من الصّغار من الغنم، وذكروا في البقر والإبل ثلاثة أوجه:
أحدها: وبه قال أبو العباس وأبو إسحاق: أنه لا يؤخذ منها الصغار؛ لأنا لو أخذنا لسوَّيْنا بين ثلاثين من البقر وأربعين في أخذ العجل وبين خمس وعشرين من الإبل، وإحدى وستين وما بينهما من النّصابين في أخذ فَصِيل، ولا سبيل إلى التَّسوية بين القليل والكثير بخلاف ما في الغنم، فإن الاعتبار فيها بالعدد فلا يؤدي أخذ الصغار إلى التسوية، وعلى هذا فتؤخذ كبيرة بالقسط على ما سبق في نظائره، ولا يكلف كبيرة فتؤخذ من الكبار.
والوجه الثاني: أنه لا يؤخذ الفَصِيل من إحدى وستِّين فما دونها؛ لأن الواجب فيها واحد، واختلافه بالسِّن فلو أخذنا فَصِيلاً لسوَّينا بين القليل والكثير، أما إذا جاوز ذلك فالاعتبار بالعدد فأشبه الغنم وكذلك البقر.
والثالث: أنه يؤخذ الصّغار منهما مطلقاً اعتباراً بجنس المال كما يؤخذ من الغنم، ولكن يجتهد الساعي ويحترز عن التَّسوية فيأخذ من ست وثلاثين فصيلاً فوق الفصيل