للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَارِثهِ إِذَا مَاتَ عَلَى حَوْلِهِ، وَمَنْ قَصَدَ بَيْعَ مَالِهِ فِي آخِرِ الحَوْلِ صَحَّ بَيْعُهُ (م) وَأَثِمَ.

قال الرافعي: قد سبق أنَّ الزَّكَاة ضربان: زكاة تتعلّق بالقيمة وهي زكاة التِّجارة فلا يقدح فيها إبدال عين بعين، وزكاة تتعلّق بالعين والأعيان الَّتي تجب فيها الزَّكاة، ويشترط في وجوبها الحَوْل، ولو زال الملك عنها في خلاله انقطع الحول؟ سواء بادل بجنسه كالإبل بالإبل، أو بغير جنسه كالإبل بالبقر (١)، وإذا تَبَادَلا بكل واحد منهما يستأنف الحَوْل، وكذا الحكم في النَّقدين إذا بادل الذهب بالذهب أو بالورق ولم يكن صرفياً يقصد به التجارة، وإن كان صرفياً اتخذ التَّصَرُّف في النَّقْدين متجراً، ففيه وجهان في رواية ابْن كج والحنَّاطِيّ وصاحب "المهذب" وغيرهم، وقولان في رواية الشيخ أبي محمد وصاحب "التهذيب" وآخرين:

أحدهما: لا ينقطع الحَوْل كما في العروض لو بادل بعضها ببعض على قصد التِّجارة.

وأصحهما: وهو الجديد على رواية القولين أنه ينقطع؛ لأن التِّجارة فيها ضعيفة نادرة والزكاة الواجبة فيها زكاة عين، وإلى هذا ذهب ابْنُ سُرَيْجٍ ويحكى عنه أنه قال: "بَشِّروا الصيارفة بأن لا زكاة عليهم وبنى الصَّيدلاني وطائفة المسألة على أَصْلٍ، وهو أَنَّ زَكَاةَ التِّجَارة وزكاة العين إذا اجتمعتا في مال أيتهما تقدم، وفيه خلاف مذكور في الكتاب في موضعه إن غلبنا زكاة التجارة لم ينقطع الحول، وإن غلبنا زكاة العين، فحينئذ فيه وجهان: وجه عدم الانقطاع أن دوام الملك حولاً شرط في زكاة العين، وقد فقد فيصار إلى زكاة التِّجارة كما لو لم يبلغ ماله نصاب زكاة العَيْن، وبلغت قيمته نصاب زكاة التِّجارة تجب زكاة التجارة، وإزالة الملك عن بعض المال والباقي دون النصاب كإزالته عن جميع النصاب، هذا تفصيل مذهبنا وساعدنا أبو حنيفة في المَوَاشِي، وقال في مبادلة النَّقد بالنقد (٢): أن الحول لا ينقطع سواء بادل الجنس بالجنس أو بغير الجنس. وقال في مبادلة بعض النصاب الجنس: لا ينقطع الحول سواء فيه المواشي وغيرها بناء على أصلين:


(١) قال الشيخ الإمام البلقيني: يستثنى من هذا الشرط مسألة تتعلق بالنقدين، وهي ما لو ملك نصاباً من نقد ومكث عنده ستة أشهر مثلاً ثم أقرضه إنساناً، فإن الحول لا ينقطع فإذا كان بلياً أو عاد إليه أخرج الزكاة عند تمام الأشهر الباقية. صرح بذلك الشيخ أبو حامد الإسفرايني في تعليقه في باب زكاة التجارة في السلام على من اشترى غرضاً للتجارة بنصاب من الأثمان وجعل ذلك أصلاً متفقاً عليه.
(٢) قال الشيخ البلقيني: الخلاف لا يختص بالنقود، بل لو كانت عنده سائمة نصاباً للتجارة، فبادل بها نصاباً من جنسها للتجارة كان كالمبادلة بالنقود ذلك مقتض كلام الماوردي في الحاوي فيما إذا باع بشرط الخيار. قاله البكري.

<<  <  ج: ص:  >  >>