أحدهما: أن نُقْصَان النِّصَاب في أَثْنَاء الحول لا يقطع الحول عنده.
والثاني: أن المستفاد بالشِّراءِ ونحوه يضم إلى الأصل في الحول، فقال مالك: إذا بادل نصاباً بجنسه بني على الحول سواء فيه المواشي وغيرها، وفي مبادلة الحيوان بالنقد وعكسه ينقطع، وفي مبادلة جنس من الحَيَوَان بجنس آخر عنه روايتان، وقال أحمد في مبادلة النَّقْد بالنَّقْد بقول أبي حنيفة -رحمه الله- وفي مبادلة الجنس بالجنس من المواشي بقول مالك، وفي مبادلة الجنس بالجنس من المواشي قال: ينقطع. لنا: ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال:"لاَ زَكَاةَ فِي مَال حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ"(١). لأنه أصل تجب الزكاة في عينه فلا ينبني حوله على حول غيره كالجنسين، وكل ما ذكرناه في المُبَادَلة الصحيحة أما الفَاسِدة فلا تقطع الحول، لأنها لا تزيل الملك خلافاً لأبي حنيفة فيما إذا اتّصل القبض بها.
ثم لو كانت سائمة وعلفها المشتري فقد قال في "التهذيب": هو كعلف الغَاصِب لقطع الحول، وفيه وجهان وقال القاضي ابن كج: عندي تسقط الزكاة وينقطع الحول، لأنه مأذون من جهة المالك في التَّصرف، فأشبه علفه علف الوكيل بخلاف الغاصب، ولو باع معلوفه بيعاً فاسداً فأسامها المشتري فهو كما لو أسامها الغاصب، وسيأتي ذلك إذا عرفت هذا الأصل فيتعلق به مسائل:
إحداها: لو باع المال الزكوي، أو بادله قبل تمام الحول ثم وجد المشتري به عيباً قديماً نظر إن لم يَمْضِ عليه حول من يوم الشِّراء، فله الرّد بالعيب، والمردود عليه يستأنف الحول سواء رده بعد القبض أو قبله.
وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: إن رده قبل القبض أو بعده لكن بقضاء القاضي يبني على الحول الأول، وإن رده بعد القبض بالرِّضا يستأنف، وإن مضى عليه حول من يوم الشراء، ووجب عليه الزكاة فينظر إن لم يخرج الزَّكاة بعد فليس له الرد؟ سواء قلنا: الزكاة تتعلق بالعين، أو بالذمّة؛ لأن للساعي أخذ الزكاة من عينها لو تعذر أخذها من المشتري، فلا يتقاعد وجوب الزكاة فيه عن عيب حادث، ولا يبطل حق الرد بالتأخير إلى أن يؤدي الزكاة؛ لأنه غير متمكّن من الرد قبله، وإنما يبطل الحق بالتأخير مع التمكن، ولا فرق في ذلك بين عروض التجارة وبين الماشية التي تجب زكاتها من جنسها وبين الإبل التي تجب فيها الغنم وبين سائر الأموال.
وفي كلام ابْن الحَدَّاد تجويز الرَّدِّ قبل إخراج الزَّكَاة، ولم يثبتوه وجهاً وإن أخرج الزكاة نظر إن أخرجها من مال آخر فينبني جواز الرَّد على أنَّ الزكاة تتعلَّق بالعين أو تجب في الذّمة، وفيه خلاف يأتي من بعد أن قلنا: تجب في الذّمة، والمال مرهون به