للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن السابق إلى الفَهْم من حولان الحول هو مضيّ المدة المعلومة في ملكه بصفة التوالي، لكن لا يمكن أن يكون مراد صاحب الكتاب من شرط الحول هذا؛ لأنه لو أراده لارتفع الفرق بين الشرط الثالث والرابع وعاد إلى شيء واحد، بل المراد من شرط الحول في إيراده مجرد مضي المدة في ملكه من غير اعتبار صفة التَّوَالي.

وقوله: فإن زال بالإِبْدَال بمثله لا فرق عندنا بين أن يبدله بالمثل أو بغير المثل، وإنما خص الكلام بالإبدال بالمثل؛ لأنه محل النظر والخلاف على ما تقدم، وأعلم لذلك قوله: "انقطع الحول" بالحاء والميم والألف.

وقوله: "ولو عاد بفسخ أورد بعيب" الرد بالعيب هو ضرب من الفسخ أيضاً، لكن كأنه أراد بالفسخ ما يثبت، لا بسبب العَيْب كالفسخ بشرط الخِيَار، وخيار الرؤية إن أثْبَتناه والمُقَابَلَةَ إِذَا جعلناها فسخاً وهو الصحيح.

وقوله: "وكذا إذا انقطع ملكه بالردة" أي: إذا قلنا: إن الردة تزيل الملك، فإذا أسلم استأنف الحول على ما بينا وقد رسم قوله: "وكذا إذا انقطع" بالواو للخلاف في أن الردة، هل تزيل الملك أم لا؟ فإن في نفس اللفظ إشعاراً لكن لأنه ذكر في "الوسيط": أن القول القديم في أن الوارث يبني على حول الموروث طرد في أن المرتدّ بعد الإسْلام يبني، وإن حكمنا بانقطاع ملكه بالردة. وحكى الحناطي أيضاً وجهاً على هذا القَول أنه لا يستأنف. وقوله: "ومن قصد بيع ماله" فيه إضمار أي قصده فراراً من الزَكاة، وأعلم قوله: في "صح بيعه" بالميم لما ذكرنا عن مالك في بعض الروايات.

وقوله: "وأثم" حكم بالتَّحْريم وقد حكاه إمام الحرمين عن بعض المصنِّفين، وتردّد فيه من جهة، أنه تصرّف مسوغ ولو أثمناه لكان ذلك بمجرد القصد والموجود في لفظ الشافعي -رضي الله عنه- وجمهور الأصحاب إنما هو الكراهية -والله أعلم-.

قال الغزالي: الشَّرْطُ الخَامِس السَّوْمُ، فَلاَ زَكَاةَ فِيمَا عُلِفَ فِي مُعْظَمِ السَّنَةِ، وَفِيمَا دُونَهُ أَرْبَعَةُ أَوجُهٍ: أَفْقَهُهَا: أَنَّ المُسْقِطَ قَدْرٌ يُعَدُّ مَؤُونَةً بِالإِضَافَةِ إلَى رِفْقِ السَّائِمَةِ، وَقِيلَ: لاَ يَسْقُطُ إلاَّ العَلَفُ فِي مُعْظَمِ السَّنَة، وَقيل: القَدْرُ الَّذِي كَانَتِ الشَّاةُ تَمُوتُ لَوْلاَهُ يَسْقُطُ حَتَّى لَوْ أَسَامَهَا نَهَاراً وَعَلَفَهَا لَيْلاً لَمْ يَسْقُطْ، وَقِيلَ: كُلُّ مَا يُتَمَوَّلُ مِنَ العَلَفِ يُسْقِطُ.

قال الرافعي: لا تجب الزَّكَاة في النّعم إلا بشرط السّوم خلافاً لمالك واحتج الشَّافعي -رضي الله عنه- بمفهوم ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "فِي سَائِمَةِ الغَنَمِ زَكَاةُ" (١) وعن


(١) قال ابن الملقن: لا أعرفه هكذا، ولكن موجود في الحديث الآتي. قلت: يريد حديث أنس -رضي الله تعالى عنه- انظر الخلاصة (١/ ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>