للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عينها شَاةً رجع الزَّوج عليها بنصف قيمتها. جئنا إلى مسألة الأجرة إذا أكرى داراً أربع سنين بمائة دينار معجلة وقبضها، كيف يخرج زكاتها؟ فيه قولان:

أحدهما: ذكره في "الأم" ونقله المزنيُّ في "المختصر": أنه لا يلزمه أن يخرج عند تمام كل سنة، إلاَّ زكاة القدر الذي استقرَّ ملكه عليه؛ لأنها قبل الاستقرار يعرض السقوط بانهدام الدار فأورث ضعف الملك.

والثاني: قاله في البُويطِيِّ واختاره المُزَنِيُّ: أنه يلزمه عند تمام السّنة الأولى زكاة جميع المائة؛ لأنه ملكها ملكاً تاماً، أَلاَ تَرَى أنه لو كانت الأُجْرة جَارِيَةٌ يحل وَطْؤُها، ولو كان الملك ضعيفاً لم يحل، غايته أنه يتوهم سقوط بعض الأجرة بالانهدام لكنه لا يقدح في وجوب الزكاة كما أن المرأة يلزمها زكاة الصَّدَاق قبل الدخول وإن كان يتوهّم عود جميعه بارتداد أحدهما أو عود نصفه بالطَّلاق، وهذا القول أَصَحُّ عند صاحب "المهذب"، ومال إليه في "الشامل"، لكن الجمهور على ترجيح القول الأول وهو الَّذِي يقتضيه إيراد الكتاب والقول بثبوت الملك التام في الأجرة ممنوع على رأي بعض الأصحاب، فإن صاحب "النهاية" حكى طريقة أن الملك يحصل في الأجرة شيئاً فشيئاً، فمن قال بذلك لا يسلم بثبوت الملك في الأجرة فضلاً عن ثبوت المِلْك التَّام، وعلى التَّسْليم فوجه الضعف والنقصان ما ذكرنا، وأما حلْ الوَطْءِ فلا نسلم أنه يتوقف على ارْتِفَاع الضّعف من كل وجه وأمَّا الصَّدَاق فقد روى الحَنَّاطِى عن ابْن سُرَيْجٍ تخريج قول من الأجرة في الإصداق، فعلى هذا لا فرق وعلى التسليم فالفرق أَنْ الأُجرَة تستحق في مقابلة المَنَافع، فإذا لم تسلم المنافع للمستأجر ينفسخ العقد من أصله، والصَّدَاق ليس في مقابلة المَنَافع، أَلاَ ترى أنها لو ماتت يستقر الصداق؟ وإن لم تسلم المنافع للزوج والتَّشطر ثبت بتصرف من جهة الزوج يفيد ملك النِّصف عليها، ولا ينقص ملكها من الأصل.

التفريع: إن قلنا: بالقول الأول أخرح عن تمام السّنة الأولى زكاة رُبع المائة وهو خمسة وعشرون ديناراً، وزكاتها خمسة أثْمان دينار؛ لأن ملكه استقر على هذا القدر، فإن مضت السَّنة الثَّانية فقد استقر ملكه على خمسين ديناراً أو كانت في ملكه سنتين زكَّاها زكاة خمسين لسنتين وهي ديناران ونصف لكنه قد أدَّى زكاة خمسة وعشرين لسنة فيحط ذلك ويخرج الباقي وهو دينار وسبعة أثمان دينار، فإذا مضت السنة الثالثة فقد استقر ملكه على خمسة وسبعين ديناراً وكانت في ملكه ثلاث سنين وزكاتها لثلاث سنين خمسة دنانير وخمسة أثمان دينار أخرج منها للسنتين الماضيتين دينارين ونصفاً، يبقى ثلاثة دنانير وثُمن يخرجها الآن، فإذا مضت السنة الرابعة فقد استقر ملكه على جميع المائة، وكانت في ملكه أربع سنين وزكاة المائة لأربع سنين عشرة دنانير، أخرج من

<<  <  ج: ص:  >  >>