للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: لا؛ لأن زكاة السنة الثانية لم ينعقد حولها، والتعجيل قبل انعقاد الحول لا يجوز كالتعجيل قبل تمام النصاب.

والوجه الأول أصح عند صاحب الكتاب ذكره في "الوسيط"، وكذا قاله الشيخ أبو حامد، وصاحب "الشامل"، والأكثرون على ترجيح الوجه الثاني ومنهم معظم العراقيين وصاحب "التهذيب"، وحملوا الحديث على أنه تسلفها بدفعتين، فإن جوزنا فذلك إن بقي عنده بعد التَّعْجيل نصاب كامل، كما إذا ملك ثنتين وأربعين شاة فعجل منها شاتين، فأما إذا لم يَبْقَ عنده بعد التَّعْجيل نصاب كامل، كما إذا ملك أربعين أو إحدى وأربعين فعجل شاتين فوجهان:

أحدهما: الجَوَاز كما لو عَجَّل عن أربعين صَدَقَة عام فإنه يجوز.

وأصحهما: المنع؛ لأن التّعجيل عن النّصاب لا يجوز، وفي تعجيل شاتَيْن ما يوجب نقصان النصاب في جميع السنة الثانية، وذكر أبو الفضل بن عبدان تفريعاً على جواز تَعْجِيل صَدَقَة عامين، أنه هل يجوز أن ينوي تقديم زكاة السنة الثانية على الأولى؟ فيه وجهان كالوجهين في تقديم الصلاة الثانية على الأول في الجمع، ولو ملك نصاباً فعجل زكاة نصابين نظر: إن كان ذلك في زكاة التِّجارة كما لو اشترى عرضاً بنيّة التِّجارة بمائتي درهم وأخرج زكاة أربعمائة فحال الحول والعرض يساوي أربعمائة أجزاء ما أخرج؛ لأن الاعتبار في زكاة التجارة بآخر الحول، وإن كان في زكاة العين فإن أخرج على توقع حصول نصاب آخر بسبب مستقبل، كما لو ملك مائتي درهم، وأخرج زكاة أربعمائة على توقع اكتساب مائتين واكتسب مائتين لم يجزئه ما أخرجه عن المائتين الحادثتين، وبه قال أحمد خلافاً لأبي حنيفة، بناء على أن المستفاد في أثناء الحول مضموم إلى ما عنده في الحول فكأنه موجود وقت الإخراج، وإن أخرج على رجاء حصول نصاب آخر، أو [كمال نصاب آخر من عَيْن ما عنده] (١) فصدق رجاؤه كما إذا ملك مائة وعشرين شاة فعجل شاتين ثم حدثت سَخْلَة، أو ملك خمساً من الإبل فعجل شاتين ثم بلغت بالتّوالد عشراً، فهل يجزئه ما أخرج عن النصاب الذي كمل الآن؟ فيها وجهان:

أصحهما -عند حجة الإسلام، وصاحب "التتمة": الإجزاء؛ لأن النِّتَاج الحاصل في أثناء الحول بمثابة الموجود في أوله، وهذا قياس المحكى عن أبي حنيفة -رحمه الله- في الصورة السابقة.

والثاني -وهو الأصح، عند العراقيين وصاحب "التّهذيب": المنع؛ لأنه تقديم


(١) في ب: من غير ما عنده.

<<  <  ج: ص:  >  >>