للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زكاة العين على النصاب فأشبه ما لو أخرج زكاة أربعمائة درهم وهو لا يملك إلا مائتين، ورتب إمام الحَرَمَيْن هذين الوَجْهَيْن على الوجهين في جواز تقديم صدقة عامين، إن جَوَّزْنا ذلك فَالتَّقْدِيمِ للنِّصَاب الثَّاني أولى، وإن منعنا ذاك فهاهنا وجهان.

والفرق: أن النتاج الحاصل في وسط الحول لا يحتاج إلى حول جديد، وكان حول المال الذي واجبه شاة منعقد على ما واجبه شاتان ولا كذلك زكاة السنة الثانية، فإن حولها لا يدخل بحال، وطرد ابْن عَبْدَان الوَجْهَيْن المذكورين في هذه الصُّورة في الصورة الأولى أيضاً، وهي ما إذا اشترى عرضاً بمائتين وأخرج زكاة أربعمائة، فحال الحول وقيمته أربعمائة، ولو عجل شاة عن أربعين فولدت أربعين وهلكت الأمهات، هل يجزئه ما أخرج عن السِّخَال؟ نقل في "التهذيب" فيه وجهين (١).

ولك أن تعلم قوله في الكتاب: "ويجوز تعجيل الزكاة قبل تمام الحول" بالواو مع الميم المُشِيرة إلى مذهب مالك؛ لأن الموفق بن طاهر حكى عن أبي عبيد (٢) بن حَرْبَوَيه من أصحابنا منع التعجيل كما يحكى عن مالك.

قال الغزالي: وَأمَّا زَكَاةُ الفِطْر فَتُعَجَّلُ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ، وَزَكَاةُ الرُّطَب والعِنَبِ لاَ تُعَجَّلُ قَبْلَ الجِفَافِ، وَقِيلَ: تُعَجَّلُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلاحَ، وَقِيلَ: تُعَجَّلُ بَعْدَ بُدُوِّ الطَّلْعِ، وَأَمَّا


(١) قال النووي: قلت: أصحهما لا يجزئه. أي لأنه عجلها قبل تملكها مع تعلق الزكاة بعينها، وممن صححه البغوي أيضاً، وعجب من الرافعي في نقله الوجهين عنه دون تصحيح. ويؤيده قول الماوردي أن الوجهان هما مبنيان على الوجهين المتقدمين في جواز التعجيل عن النتاج، يعني وهذه أولى بالمنع، لأن في البناء على حول الأمهات بعد الموت خلافاً. لكن قال الشاشي في المعتمد: هذا تسطير بعد لأنه في مسألتنا أخرج شاة عن نصاب موجود جاز في الحول، وقد ثبت السخال والنصاب موجود فيعتبر الأصل في الحول. قال الماوردي: ولو كانت معه أربعون شاة فنتجت أربعين فعجل لها شاة ثم ماتت الأمهات وبقيت السخال أجزأه الشاة المعجلة عن السخال الباقية على الوجهين جميعاً لوجودها قبل التعجيل، أي ولا يفتقر إلى تعيين ما يخرج منه بل أصل النية في مثله كاف. وفي الشامل لو كان عنده خمس من الإبل فعجل زكاتها وله أربعون شاة وملكت الإبل وأراد أن يجعل الشاة المعجلة على الغنم فقد ذكر أصحابنا أنه إذا عين الزكاة في مال لم يجز صرفه إلي غيره، غير أنه محتمل لأنه لم يصر زكاة بعد. وقد أقام في التتمة هذا وجهاً فصرح بحكاية وجهين في المسألة ووجه الجواز أن المخرج لم يقع زكاة بل أمره موقوف فحينئذ له أن يصرفه إلى ما وجب عليه.
(٢) علي بن الحسين بن حرب بن عيسى البغدادي القاضي أبو عبيد بن حربويه قاضي مصر -حرسها الله- أحد أصحاب الوجوه المشهورين، توفي في صفر سنة تسع عشرة وثلاثمائة، وصلى عليه الأصطخري. انظر ابن قاضي شهبة (١/ ٩٦)، وتاريخ بغداد (١١/ ٣٩٥) ابن السبكي (٢/ ٣٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>