للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو جواب على أحد الوجهين في تعجيل صدقة عامين فتعجّل السّنة المُسْتَأْنفَة في حَقِّ الوَارِثِ كالسّنة الثانية في حف المعجل. إذا عرف ذلك فنقول:

الإمام إذا أخذ من المالك قبل أن يتم حوله مالاً للمساكين فلا يخلو إما أن يأخذه بحكم القَرْضِ أو ليحسبه عند زكاته عند تمام الحَوْلِ.

الحَالَةُ الأولى: أن يأخذ بحكم القرض فينظر إن استقرض بسؤال المَسَاكِين فضمانه عليهم سواء تلف في يده أو سلَّمه إليْهِم كما لو استقرض الرَّجَلُ مالاً لغيره بإذنه، وهل يكون للإمام طريقاً في الضَّمان حتى يؤخذ منه ويرجع على المساكين أم لا؟ إن علم المأخوذ منه أنه يستقرض لِلْمَسَاكين بإذنهم، فلا يكون طريقاً على أظهر الوَجْهَيْن بل يرجع عليهم.

والثاني: أَنْ يكون طريقاً كالوكيل بالشراء يكون مطالباً على ظاهر المذهب، وإن ظن المأخوذ منه أنه يستقرض أو للمساكين من غير سؤالهم، فله أن يرجع على الإمام، والإمام يقضيه من مال الصدقة أو يجعله محسوباً عن زكاة المقرض (١).

ولو أقرضه المالك للمساكين ابتداء من غير سؤالهم (٢) فتلف في يد الإمام فلا ضمان على أحد، إمَّا على المساكين فظاهر، وإمَّا على الإمام فلأنه وكيل المالك كما لو دفع الرجل مالاَ إلى غيره ليقرضه من ثالث فهلك عنده لا ضمان عليه.

ولو استقرض الإمام بسؤال المقرض والمَسَاكين جميعاً، فهلك عنده فهو من ضمان المالك أو المساكين فيه وجهان على ما سنذكر في الحالة الثَّانية، ولو اسْتَقْرَضَ لا بسؤال المالك ولا بسؤال المَسَاكين فينظر، إن استقرض ولا حاجة بهم إلى القرض فالقرض يَقَعُ للإمام، وعليه ضمانه من خالص ماله سواء تلف في يده أو دفعه إِلَى المساكين، ثم إن دفع إليهم متبرعاً فلا رجوع وإن أقرضهم فقد أقرضهم من مال نفسه وإن استقرض لهم وبهم حاجة إليه فإن هلك في يده فوجهان:

أحدهما وبه قال أبو حنيفة وأحمد -رحمهما الله- أنه من ضمان المساكين يقضيه الإمام من مال الصدقة كولي اليتيم إذا استقرض لحاجته فهلك في يده يكون الضمان في مال الصبي.

وأصحهما: أنَّ عليه الضَّمَان من خالص ماله؛ لأن المَسَاكِينَ غير مُعَيَّنين، وفيهم أو أكثرهم أهل رُشْد لا ولاية عليهم لأحد (٣) أَلاَ تَرى أنه لا يجوز منع الصدقة عنهم من


(١) في ب: زكاته المفروضة.
(٢) في ب: سؤال منهم.
(٣) قضية التعليل بالرشد أي في الأكثر، والتعيين أنه لو كان مساكين قرية متعينين وكلهم صغار، واختلف أحوالهم فاستقرض لهم الإمام فتلف في يده أنه لا ضمان عليه. قال في الخادم:=

<<  <  ج: ص:  >  >>