للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير عذر، ولا التصرف في مالهم بالتجارة، وإنما يجوز الاسْتِقْرَاضُ لَهُمْ بشرط سلامة العَاقبة بخلاف اليتيم، وإن دفع المستقرض إليهم فالضمان عليهم، والإمام طريق فيه، فإذا أخذ الزكاة والمدفوع إليه بصفة الاستحقاق فله أن يقضيه من الزكاة وله أن يحسبه عن صدقة المقرض (١)، وإن لم يكن المدفوع إليه بصفة الاستحقاق عند تمام حول الزكاة المأخوِذة لم يجز قضاؤه منها، بل يقضي من مال نفسه ثم يرجع على المدفوع إليه إن وجد له (٢) مالاً.

الحالة الثانية: أن يأخذَ الإمام المال ليحسبه عن زكاة المأخوذ منه عند تمام حوله، وفيها أربع مسائل كما في القرض:

الأولى: أن يَسْتلف بسؤال المساكين فإن دفع إليهم قبل الحول وتم الحول وهم بصفة الاستحقاق والمالك بصفة الوجوب وقع الموقع، وإن خرجوا على الاستحقاق فعليهم الضَّمَان وعلى ربِّ المال إخراج الزَّكَاة ثانياً.

وإن تلف في يده قبل تمام الحَوْل من غير تفريط فينظر: إن خرج المَالِك عَنْ أن تجب عليه الزَّكَاة، فله الضَّمَان على المَسَاكِين، وهل يكون الإمام طريقاً؟ فيه وجهان على ما ذكرناه في الاستقراض، وإن لم يخرج عن أن تجب عليه الزكاة، فهل يقع المخرج عن زكاته؟ فيه وجهان:

أظهرهما: نعم، وهو المذكور في "الشَّامِلِ" و"التتمة"؛ لأن الإمام نائب المساكين فصار كما لو أخذوه وتلف في أيدهم.

والثاني: لا؛ لأنه لم يصل إلى المستحقِّين فعلى هذا له أخذ الضَّمان من المساكين، وفي أخذه من الإمام الوجهان، فإن لم يكن للمساكين مال صرف الإمام إذا اجتمعت الزكاة عنده ذلك القدر إلى قوم آخرين عن جهة الذي تسلف منه.


= وحكاه البغوي عن الأصحاب قال: ويصير في هذه كولي اليتيم يستدين له وذكره الإمام تفقهاً من عنده، وحينئذ تستثنى هذه الصورة من كلامهم، وقد ذكرها الرافعي فيما سيأتي وخصها بما إذا كان الذي يلي أمرهم الإمام، فأما إذا كان من يلي أمرهم من هو مقدم على الإمام فحاجتهم كحاجة البالغين إلى آخر ما ذكره.
(١) أي إن كان عليه صدقة، وفيه إشكال وأن الفقه أن يعطيه ثم يأخذ منه على جهة الزكاة.
(٢) أي ولا يجوز أن يقضي من مال الزكاة. نعم لو مات فقيراً، ففي تعليق القاضي الحسين أن أصحابنا قالوا: لو حال الحول على واحد من المسلمين، ولم يحل على سائر المسلمين، فمات المقترض لهم بعد حول الحول على هذا الرجل، وقيل: حوله على سائر المسلمين، يجوز للإمام أن يقضي دين ذلك الفقير من مال من حال عليه الحول، قال: وهذا إنما يتصور إذا كانوا محصورين.

<<  <  ج: ص:  >  >>