للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانية: أن يتسلف بسؤال المالك فإن دفع إلى المساكين فتم الحول وهو بصفة الاستحقاق وقع الموقع وإلا رجع المالك على المساكين دون الإمام، وإن تلف في يد الإمام لم يجزئ المالك سواء كان التلف بتفريط من الإمام أو بغير تفريط، كما لو دفعه إلى وكيله فتلف عنده ثم إنْ تلف بتفريط منه فعليه الضمان للمالك، وإن تلف بغير تفريط فلا ضمان عليه، ولا على المساكين.

الثالثة: أن يتسلف بسؤال المالك والمساكين جميعاً فمن ضمان من يكون؟ فيه وجهان:

أحدهما: أنه من ضمان المالك كما لو تسلَّف بمحض سُؤَاله؛ لأن جانبه أقوى إذ الخيار في الدَّفْع والمنع إليه.

والثاني: أنَّه من ضمان المَسَاكِين؛ لأن المنفعة تعود إليهم فيكون المال من ضمانهم ألا ترى أن ضمان العارية على المستعير لعود المنفعة عليه؟ وهذا الوجه أصحّ عند صاحب "الشامل" إليه يميل كلام الأكثرين، وفي "التتمة" و"العدة" أن الأول أصح.

الرابعة: أن يَتَسَلَّف لا بسؤال المالك ولا بسؤال المساكين، لما رأى بهم من الخّلة والحاجة فهل تنزل حاجتهم منزلة سؤالهم؟ فيه وجهان حكاهما إمام الحرمين وغيره.

أحدهما: نعم؛ لأن الزكاة مصروفة إلى جهة الحاجة لا إلى قوم معينين، والإمام ناظر لها فإذا رأى المصلحة في الأخذ كان له ذلك كما لو أخذ بسؤالهم وصار كولي الطفل.

وأظهرهما: أنها لا تنزل منزلة سؤالهم؛ لأنهم أهل رشد ونظر، ولو عرفوا صلاحهم في التَّسَلّف لالتمسوه من الإمام فعلى هذا إن دفعه إليهم وخَرَجُوا عن الاسْتِحْقَاق عند تمام الحَوْل استردَّه منهم ودفعه إلى غيرهم، وإن خرج الدافع عن أهليه الوجوب استرده ورده إليه فإن لَمْ يَجِدْ المدفوع إليه مالاً ضمنه من مال نفسه فرّط أو لم يفرط، وعلى المالك إخراج الزكاة ثانياً.

وفيه وجه آخر: أنه لا ضمان على الإمام، ويُحكى مثله عن أبي حنيفة وأحمد ثم الوجهان في أن الحاجة هل تنزل منزلة السؤال في حق البالغين؟

فأما إذا كانوا أطفالاً، فهذا يبنى أوّلاً على أن الصغير هل يدفع إليهم من سهم الفقراء والمساكين أم لا؟ أما إذا كان مكتفياً بنفقة أبيه وغيره من الأقارب ففيه وجهان مذكوران في قسم الصدقات في الكتاب وسنشرحها ثم -إن شاء الله تعالى جده-

<<  <  ج: ص:  >  >>