للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحيث يثبت الاسترداد بهذا السبب، هل يثبت لو أتلفه المالك بنفسه فيه وجهان:

أحدهما: لا، لقصيره بالإتْلاَف.

وأصحهما: نعم، لحصول التَّلف وخروج المعجل، عن أن يكون زكاة وقضية التَّعْجيل الأول أن لا يجري الخلاف فيما إذا أتلفه بالإنفاق وغيره من وجوه الحاجات، ولو أتلف بعض ماله حتى انتقص النصاب كان كالاتف جميع المال مثل أن يعجل خمسة دراهم عن مائتي درهم ثم يتلف منها درهماً، وتنقل هذه الصورة والوجهان فيها عن الاصْطخري.

قال الغزالي: وَإِنْ كانَ الْمَالُ تَالِفاً فِي يَدِ المِسْكِينِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ، وَإِنْ صَارَ نَاقِصاً فَفِي الأَرْشِ وَجْهَانِ، وَإِنْ كَانَ بَاقِياً رُدَّ بِزَوَائِدِهِ المُنْفَصِلَةِ وَالمُتَّصِلَةِ وَنَقِضَ تَصَرُّفُة وَكَأنَّهُ بانَ أنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ وَقِيلَ: إِنَّا نُقَدِّرَهُ مُقْرِضاً إِذَا لَمْ يقَعْ عَنْ جِهَةِ الزَّكَاةِ فَتَلْتَفِتُ هَذِهِ الأَحْكامُ عَلَى أَنَّ القَرْضَ يَمْلُكَ بِالقَبْضِ أَوْ بِالتَّصَرُّفِ.

قال الرافعي: متى أثبتنا حق الاسترداد فلا يخلو المعجل، إمَّا أن يكون تالفاً أو باقياً في يد القابض، فإن كان تالفاً فعليه ضمانه بالمثل إن كان مثلياً والقيمة إن كان متقوماً، وفي القيمة المعتبرة وجهان:

أحدهما: أنه يعتبر قيمته يوم التلف، أن الحق انتقل إلى القيمة يوم التَّلف، فاعتبرت قيمته ذلك اليوم كما في العارية.

والثاني: ويحكي عن أحمد: أنه يعتبر قيمة يوم القبض؛ لأن ما زاد عليها زاد في ملك القابض فلم يضمنه، كما لو تلف الصَّدَاق في يد المرأة ثم ارتدت قبل الدُّخول أو طلقها، فإن الزوج يرجع بقيمة يوم القبض. قال المحاملي: وهذا أشبه. وينقدح عند إمام الحرمين رجه ثالث وهو إيجاب أقصى القيم بناء على أنه المِلْك غير حاصل للقابض واليد يد ضمان. وقد ذكر مثل هذا في المُسْتَعِير والمّسْتَام فإن كان القابض قد مات فَالضَّمَان في تّكته (١) وإن كان المال باقياً نظر إنْ لم يحصل فيه زيادة ولا نقصان استرده ودفعه أو مثله إلى المستحق، إن بقي بصفة الوجوب وإن كان الدافع هو الإمام


(١) قال في الخادم: هذا إذا كان له تركة فلو مات معسراً لا شيء عليه ففيه ثلاثة أوجه: حكاها السرخسي في الأمالي: أحدها: يلزم المالك دفع الزكاة.
ثانياً: إلى المستحق؛ لأن القابض ليس من أهل الزكاة قبل الوجوب. قال في شرح المهذب: وهو القياس الذي يقتضيه كلام الجمهور. والثاني: يجزيه هذا المعجل.
والثالث: أن الإمام يغرم للمالك من مال المصالح.

<<  <  ج: ص:  >  >>