للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أشار حجة الإسلام -رحمه الله- في هذه المسائل إلى أصل ذكره الإمام وهو أن المعجل هل يصير ملكاً للقابض أم لا؟ وإن صار ملكاً له فيأتي فيه وبه يكون ملكاً له، قال: حيث لا يثبت الركوع: فالمعجل متردد بين أن يكون فرضاً أو تطوعاً، والملك حاصل للقابض على التقديرين، وحيث يثبت فله تقديران لم يصرح بهما الأصحاب، وجزم عليهما صاحب "التقريب".

أحدهما: أن الملك موقوف إلى أن يكشف الأمر في المال، فإن حدث مانع تبين اسْتمرار ملك المالك، وإلاَّ تبين أنه صار مِلْكًا للقابض من يومئذ.

والثاني: أنَّ الملك ثابت للقابض، لكن إن استمرت السلامة تبين أنه ملك عن جهة زكاة مستحقة، إلا تبين وقوعه فرضاً، ثم الفرض يملك بالقبض أو بالتصرف وإن ملك بالتصرف فبأي تصرف يملك؟ فيه خلاف مذكور في بابه، وعلى هذا الأصل يجري الوجهان في الزوائد المنفصلة فإن قلنا: بالتوقف وجب رَدُّها لتبين حدوثها على ملك المالك وينقلنا بتقدير الفرض، فإن قلنا: إنه يملك بالقبض سلمت الزوائد للقابض، وإن قلنا: يملك بالتصرف وحدثت الزوائد قبل التصرف فهذا كما لو استقرض أغناماً ونتجت في يده ثم باعها واستبقى النِّتَاج، قال الإمام: ينقدح فيه أمران:

أحدهما: أن يقدر انتقال الملك في الأغنام إلى المستقرض قبيل البيع، ويجعل النتاج للمقرض.

والثاني: أن يستند الملك في حالة القبض، ويجعل النتاج للمستقرض، وممَّا يخرج على هذا الأصل تصرفه في المال المعجل، بأن باع ما قبضه ثم طرأ بعض الأحوال المانعة، فإن توقفنا في الملك تبين انتفاض بيعه. وإن قلنا: بالفرض فلا ومما يخرج عليه أنه هل يجوز للقابض عند بقاء العين الإبدال أم يلزمه رد عين المال المأخوذ؟ فإن قلنا: بالتوقف لزم رد عينه، وإن قلنا: بالفرض فإنْ قلنا: إنه يملك بالقبض فله الإبدال. وإن قلنا: يملك بالتصرف ولم يوجد فللمالك استرداده بعينه.

واعلم أن إيراد الكتاب يقتضي ترجيح التقدير الأول، لكن كلام المعظم يقتضي ترجيح الجزم بثبوت الملك، ولذلك قالوا: لا يجب رد الزوائد المنفصلة ولا أَرْش النقصان على ما قدمناه.

قال الغزالي: وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ إلاَّ أَرْبَعِيْنَ فَعَجَّلَ وَاحِدَةً فَاسْتَغنَى القَابِضُ، فَإنْ القَابِضُ، فَإنْ جَعَلْنَا المُخْرَجَ لِلزَّكَاةِ قَرْضاً لَمْ يَلْزَمْهُ تَجْدِيدُ الزَّكَاةِ؛ لِأَنْ الحَوْلَ انْقَضَى عَلَى تَسْعٍ وَثَلاَثِينَ بِخِلاَف مَاذَا وَقَعَ المُخْرَج عَنِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ المُخْرَجَ عَنِ الزَّكَاةِ كَالبَاقِي، وَإِنْ قُلْنَا: تَبَيَّنَ أَنَّ المِلْكَ لَمْ يَزَلِ الْتَفَتَ عَلَى المَجْحُودِ وَالمَغْصُوبِ لِوُقُوعِ الْحَيْلُولَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>