زكاة عليه، وكأنه تَطَوَّع بشاة قبل تمام الحول، وحيث يثبت الاسْتِرْدَاد فاسترد، وقد ذكر شيوخنا العراقيون فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه يستأنف الحَوْل، ولا زكاة لما مضى لِنُقصان ملكه عن النِّصَاب قبل تمام الحول.
والثاني: أنه تجب الزكاة للحول الماضي؛ لأن المخرج للزكاة كالباقي على ملكه واحتجوا عليه بما إذا وقع عن الزكاة.
والثالث: أنه يفرق بين النَّقد فيزكيه لما مضى وبين الماشية فلا يزكيها لما مضى؛ لأن السَّوْم شرط في زكاة الماشية، وذلك ممتنع في الحيوان في الذّمة.
قالوا: وأظهر الوجوه هو الثاني، وهو الذي ذكره في "التهذيب" بل لفظه يقتضي وجوب الإِخْرَاج ثانياً، وإن لم يسترد بعد إذا كان المخرج بعينه باقياً في يد القابض.
وعن صاحب "التقريب" بناء المسألة على الأصل السابق وهو أنه إذا ثبت الاسترداد فتبين أن الملك لم يزل عن المعجّل، أو يقال بالزوال ويجعل قرضاً إن قلنا بالزوال فإذا استرجع استفتح الحول من يومئذ ولا زكاة لما مضى. وإن قلنا: يتبين أن الملك لم يزل لزمه الزكاة لما مضى لتبين اطِّراد الحول على نصاب كامل، وزاد الإمام شيئاً آخر على هذا التقدير الثاني، فقال: الشاة التي تسلط القابض على التصرف فيها قد حصلت الحيلولة بينها وبين المالك، فيجيء فيها خلاف المغصوب والمجحود.
وهذا الطريق هو الذي أورده في الكتاب، وكلام العراقيين يشعر بتخريج الوجوه كلها بعد تسليم زوال المِلْك عن المعجل، وكيف ما كان فالظاهر عند المعظم أنه يجب تجديد الزكاة ولو كان المخرج تالفاً في يد القابض فقد صار الضمان ديناً عليه فإن أوجبنا تجديد الزكاة إذا كان باقياً فيجيء هاهنا قولاً وجوب الزكاة في الدَّيْن هذا في الدين، وفي المواشي لا تجب الزَّكَاة بحال؛ لأن الواجب على القابض القيملا فلا يكمل بها نصاب الماشية وروى القاضي ابن كج عن ابن إسحاق إقامة القيمة مقام العين هاهنا مراعاة لجانب المساكين، وقوله في أول الفصل: ولو لم يملك إلا أربعين فعجل واحدة فاستغنى القابض أي بغير الزَّكَاة، وذكر الاستغناء مثالاً، والحكم لا يختص به بل الموت وسائر الطَّوَارئ في معناه. وقوله: بخلاف ما إذا وقع المخرج عن الزكاة؛ لأن المخرج كالباقي لِلزَّكَاة أي: المخرج للزكاة إذا وقع عن الزَّكَاة كالباقي. فأما إذا طرأ مانع فلا يجعل كالباقي، وهكذا ذكر صاحب "التهذيب" في فرع سنذكره على الأثر، لكن ما حكينا عن العراقيين في توجيه الوجه الثَّاني ينازع فيه ويصرح بكونه كالباقي وإن لم يقع عن الزكاة. فرع: لو عجل بنت مَخَاض عن خمس وعشرين من الإبل فبلغت بالتَّوالد ستّاً وثلاثين قبل الحول فلا يجزئه بنت المَخَاض المعجلة، وإن صارت بنت لَبُون في يد