وقوله في الكتاب:"هو سبب الضَّمَان والعصيان" معلَّم بالحاء لما ذكرنا، ويجوز أن يعلّم قوله:"فلا زكاة" بالألف؛ لأن صاحب "الشَّامل" حكى عن أحمد أنه لا تسقط الزَّكَاة كما لو أتلفه.
أحدهما: أن إمكان الأداء من شرائط الضَّمَان، وهل هو مع ذلك من شرائط الوجوب؟ فيه قولان:
أحدهما: ويحكي عن القديم و"الأم"، وبه قال مالك: أنه من شرائط الوجوب كما في الصَّوْم والصَّلاَة والحَجّ؛ لأنه لو تلف ماله قبل الإمكان سقطت الزكاة ولو وجبت لما سقطت، وبهذا القول أجاب في "المختصر" في مواضع.
وأصحهما: عند ابن سريج وجمهور الأصحاب وهو قوله في "الإملاء" ومذهب أبي حنيفة -رحمه الله-: أنه ليس إلا من شرائط الضمان؛ لأنه لو أتلف المال بعد الحول لا تسقط عنه الزكاة، ولولا الوجوب لسقطت كما لو أتلف قبل الحول، واحتج كثيرون لهذا القول بأنه لو تأخر الإمكان مدة فابتداء الحول الثَّاني يحسب من تمام الحول الأول لا من حصول الإمكان وبأنه لو حدث نِتَاج بعد الحول وقبل الإمكان يضم إلى الأَصْل في الحول الثَّاني دون الأول، وهذا جرى منهم في المسألة الثانية على أظهر الطَّرِيقين وقد قَدَّمنا في فصل النِّتَاج أن من الأصحاب من بني المسألة على القولين في الإمكان.
وعند مالك: ابتداء الحول الثاني من وقت حصول الإمكان، ونتاج الحادث من وقت حصول الإمكان مضموم إلى الأصل في الحَوْل الأول، وعبر صاحب "التتمة" عن تحقيق هذا الخلاف بأنا إذا قلنا: الإمكان من شرائط الوجوب فهو على سبيل التَّبيين،
= الثاني: قيل: كذا أطلقه الرافعي وهو مصور في الحاشية. أما النقل إذا أتلفه متلف ضمن مثله، وتجب فيه الزكاة إذا قلنا: تجب الزكاة في الدين، وبنى حوله على حول العين، وحينئذ لا فرق بين أن يفرع على قول الوجوب أو الضمان أو العين أو الذمة.