للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معناه أنا نتبين بالإمكان حصول الوجوب عند تمام الحول ونسميه شرط الوجوب توسعاً. ومالك يجعله شرط الوجوب حقيقة ولا يقول بالتبيين.

وبعض أصحابنا يعبر عن القول الأول بالقديم وعن الثاني بالجديد، وهو اقتصار من الجديد على ما يقابل القديم، وإلاَّ فقضية ما ذكرنا حصول قولين في الجديد.

أحدهما: كالقديم. والثاني: خلافه.

الأصل الثاني: أن الأوقَاص وهي ما بين النّصابين كما بين الخمس والعشر من الإبل هل يتعلق الواجب بها مع النصب أم هي عفو والزكاة تتعلق بالنصب؟ فيه قولان:

أصحُّهما وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله- والمزني: أنها عفو. لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "فِي خَمْسٍ مِنَ الإبِلِ شَاة، ثُمَّ لاَ شَيْءَ فِي زِيَادَتِهَا حَتَّى تَبْلُغَ عَشْراً" (١). ولأنا لو بسطنا الواجب على الوَقْص والنِّصاب لسقط قسط من الواجب بتلف الوَقْص بعد الحول كما سيأتي، ومالاً تزيد الزَّكَاة بزيادته لا ينبغي أن تنقص بنقصانه.

والثاني وهو اختيار ابْن سُرَيج: أن الواجب ينبسط على الكل.

لقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أنس (٢): "فِي أَرْبَع وَعِشْرينَ من الإبل فَمَا دُونَهَا الْغَنَمُ ومن كُلِّ خَمْسٍ شاةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاَثينَ فَفيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ".

علق الفرض بالنّصاب والوَقْص ولأنه حقّ الله تعالى يتعلّق بنصاب من المال فيتعلق به وبما زاد، كما لو سرق أكثر من نصاب يتعلق القطع بالكل، فإذا ملك تسعاً من الإبل فعلى القول الأول عليه في خمس منها لا بعينها شاة والباقى عفو.

وعلى الثاني: الشاة واجبة في الكل.

وقال إمام الحرمين: الوجه عندي أن تكون الشاة متعلقة بجميع التّسع لا محال، والمراد من القولين أن الوقص هل يجعل وقاية للنصاب كما يجعل الرِّيح في القراض وقاية لرأس المال عند الخسران، ففي قول: يجعل وقاية له وهو الصحيح، لأن الزكاة لا تزيد به ولا تنقص بتلفه، وفي قول: لا يجعل وقاية حتى لو تلف البعض سقطت حِصَّته، وهذا أحسن، والمشهور الأول. إذا عرفت ذلك فإحدى مسألتي الفصل أن تملك خمساً من الإبل ويحول عليها الحول ثم تتلف منها واحدة قبل التمكن فلا زكاة


(١) أخرجه أحمد (٢/ ١٤ - ١٥) وأبو داود (١٥٦٨)، والترمذي (٦٢١) وقال: حسن، وقال في علله: سألت البخاري عنه فقال: أرجو أن يكون محفوظاً. والحاكم (١/ ٣٩٢)، وذكر له شواهد.
(٢) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>