أما على قول الشركة ففيما عداه قولاً بتفريق الصفقة، وأما على قول الاسْتِيْثَاق فإن قلنا: حق الاستيثاق متعلق بجميع المال فالبيع باطل في الباقي أيضاً، ولا فرق إن قصرنا الاستيثاق على قدر الزكاة ففي الباقي قولا التفريق.
قال في "النهاية": والقصر هو الحق الذي قاله الجمهور وما عداه هفوة، وهل تفترق الفَتْوَى فيما عدا قدر الزَّكَاة بين أن يكون قدر الزَّكَاة جزئية معلومة كالعشر في المعشرات وربع العشر في النَّقْدين وبين أن لا يكون كذلك كالشَّاة من الأربعين؟ هذا قد ذكره صاحب الكتاب في "باب تفريق الصفقة": وسنشرحه -إن شاء الله تعالى جدُّه- وحيث منعنا البيع في الثمار فذلك قبل الخَرْص، فأمَّا بعده فلا منع إذا قلنا: إن الخَرْص تضمين على ما سنبينه.
التفريع: اعلم أن مجموع ما يحصل من الاختلافات التي ذكرنا ثلاثة أقوال: بطلان البيع في الكل وصحته في الكل، وبطلانه في قدر الزكاة وصحته في الباقي.
أما الأول فلا يخفي حكمه، وأما الثاني فقد تعرض في الكتاب لتفريعه، وإن قصر السلام على القول الرابع، وأما الثالث فلم يتعرض له ونحن نذكرها جميعاً.
أما إذا صححنا البيع في الجميع فإن أدَّى البائعُ الزكاةَ من موضع آخر فذاك وإلاَّ فللسَّاعي أن يبيع المال. الحاصل في يد المشتري فيأخذ الزكاة من عينه وفاقاً وهذا يضعف قول التَّعلُّق بمحض الذِّمَّة إذ لو كان كذلك لما كان له أن يتبعه كمن باع مالاً وفي ذمَّته دين مرسل ليس لصاحب الدين أن يبيعه، فإن أخذ السَّاعي الواجب من عين المال انفسخ البيع في قدر الزَّكَاة، وهل ينفسخ في الباقي؟ فيه الخلاف في تفريق الصَّفقَة في الدَّوام إن قلنا: ينفسخ استردَّ الثمن وإلاَّ له الخيار إن كان جَاهِلاً لتبعضُّ ما اشتراه إن فسخ فذاك، وإن أجاز في الباقي فيجيز بقسطه من الثمن أم بالجميع؟ فيه قولان:
أصحهما: أولهما، ولو لم يأخذ الساعي الواجب منه، ولم يؤد البائع الزّكاة من غيره، فهل للمشتري الخيار إن اطَّلع على حقيقة الحال؟ فيه وجهان:
(١) قال ابن الأستاذ: ينظر في هذا القدر الذي يبطل البيع فيه هل هو شاة مبهم من النصاب المبيع أو جزء من كل شاة؟ على كل واحدة من القديرين إشكال. فإن قلنا: شاة مبهمة فكيف يسلط البائع على تعيينها؛ لأن الشركة بينه وبين المشتري في النصاب ثابتة بعد البيع إذا قلنا بصحبته في الباقي، وإن نحن قلنا بالجزئية أيضاً فهو أشد إشكالاً لأنضمام تصرف البائع بالتعيين في نصيب شريكه، وليصرفه أيضاً بحصر الأجزاء من كل شاة في شاة بعينها للإخراج بغير إذن الساعي يلحق ذلك. ففيه بحث (قاله في الخادم).