أحدهما: أن الغسل أكمل من الوضوء، فإنه يكفي لرفع أعلى الحدثين فللأصغر أولى، كيف والأصل هو الغسل وإنما حط تخفيفاً.
والثاني: أن الترتيب حاصل في الحالة المفروضة، فإنه إذا لاقى الماء وجهه, وقد نوى يرتفع الحدث عن وجهه وبعده عن اليدين لدخول وقت غسلهما وهكذا إلى آخر الأعضاء، فعلى المعنى الأول وهو الذي ذكره في الكتاب إِيْثار الغسل على الوضوء يسقط الترتيب.
وعلى الثاني: الترتيب حاصل والرافع للحدث هو الوضوء المندرج تحت الغسل، كما لو اغتسل مراعياً للترتيب في أعضاء الوضوء حقيقة يرتفع حدثه بلا خلاف، وإن يتأت فيه تقدير الترتيب بإن انغمس وخرج على الفور أو غسل الأسافل قبل الأعالي ففيه وجهان مبنيان على الوجهين في الحالة الأولى: إن قلنا: لا يجزئ ثَمَّ فهنا أولى، وإن قلنا: يجزئ فيبنى على المعنيين إن قلنا: الترتيب ساقط والرافع للحدث هو الغسل أجزأه هاهنا أيضاً، وإن قلنا: بالمعنى الثاني فلا والمعنى الثاني أصح، فلا جرم الأصح في هذه الحالة أنه لا يجزئه، ولا خلاف في الاعتداد بغسل الوجه في الحالتين جميعاً إذا قارنته النية، والكلام فيما عداه، ومنهم من قال: في الحالة الأولى يجزئه ما أتى به بلا خلاف، والخلاف في الحالة الثانية وهذا إذا نوى رفع الحدث، فإن نوى رفع الجَنَابَة إن قلنا: لا يجزئه إذا نوى رفع الحدث فهاهنا أولى، وإن قلنا: يجزئه فوجهان هاهنا:
أحدهما: لا يجزئه لأنه إذا نوى رفع الجنابة نوى طهارة غير مرتبة.
وأصحهما: الجواز، والنية لا تتعلق بخصوص الترتيب نفياً وإثباتاً، وهذا كله في المحدث المَحْضِ يغتسل. إما إذا أجنب وأحدث فالظاهر أنه يكفيه الغسل كما تقدم، والأصغر يتلاشى في جنب الأكبر وإذا عرفت ما ذكرناه، ونظرت في لفظ الكتاب، وجدته يعم الحالتين ما إذا اغتسل بحيث يَتَأَتَّى فيه تقدير الترتيب، وما إذا اغتسل بِحَيْثُ لا يتأتى فيه ذلك، فإن أرادهما جميعاً فالخلاف شامل، لكن الأظهر عند الجمهور أنه لا يجزئه الغسل في الحالة الثانية على خلاف ما ذكره. وإن أراد الحالة الأولى فالنقل والاختيار كما ذكره غيره.
الثاني: لو ترك الترتيب عامداً لم يَجْزِهِ وضوءه لكن يعتدُّ بغسل الوجه وبما بعده على الانتظام فلو استعان بأربعة غسلوا أعضاءه دفعة واحدة لم يَجْزِهِ الوضوء، كما لو نكس لأن المَعِيَّةَ تنافي الترتيب أيضاً، وفيه وجه: أن الشرط عدم التَّنْكيس، ويجزئه الوضوء هاهنا، وان ترك الترتيب ناسياً فقولان:
الجديد: أنه كما لو ترك عامداً كما لو ترك سائر الأركان ناسياً، وفي القديم قول: أنه يعذر بالنسيان، وذكر الأئمة أنه مخرج من القول القديم في ترك الفاتحة ناسياً، ووجه