للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعروف ببزر قطوناً والثّفاء (١) وهو حب الرّشَاد والكَمُّون والكُزْبُرَة والبَطِّيخ والقِثَّاء والسَّلْق والجَزَرِ والقُنَّبيط وحبوبها وبذورها، واختلف قوله قديماً وجديداً في أشياء منها الزَّيْتُون فالجديد الصحَيح: أنه لا زكاة فيه كالجُوزِ واللُّوز وسائر الثمار، وأيضاً قد روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "الصَّدَقَةُ فِي أَرْبَعَةٍ فِي التَّمْرِ والزَّبِيبِ والشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ، وَلَيْسَ فِيمَا سِوَاهَا صَدَقَةُ" (٢). هذا الخبر ينفي الزكاة في غير الأربعة، لكن ثبت أخذ الصَّدَقَة من الذُّرة وغيرها بأمر رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأقوات (٣) وتمسكنا به فيما عداها. قال في القديم: تجب الزَّكَاة في الزيتون، لما روي عن عمر -رضي الله عنه- وغيره؛ أن "فِي الزَّيْتُون الْعُشْر" (٤). وبه قال مالك -رحمه الله -تعالى فعلى هذا وقت الوجوب بدو الصَّلاح فيه وهو نضجه واسوداده، ويعتبر النصاب كما في الرُّطَب والعِنَب، هكذا قاله الجمهور، وحكى القاضي ابن كجٍّ أن ابن القَطَّان خرج اعتبار النِّصَاب فيه، وفي جميع ما يختص القديم بإيجاب الزكاة فيه على قولين، ثم إنْ كان الزَّيْتُون مِمَّا لا يجيء منه الزَّيت كالبَغْدَادي أخرج عشرة زيتوناً، وإن كان مما يجيء منه الزيت كالشَّامي فعن ابن المَرُزَبَان حكاية وجهين في جوز إخراج الزيتون.

وجه المنع: أن نهاية أمره الزَّيْت فيتعيَّن الإخراج، كالتمر مع الرّطب. والصحيح عند المعظم وهو نصه في القديم: جواز إخراج الزيتون، لإمكان ادخاره ولو أخرج الزيت فهو أولى، وروى إمام الحرمين وجهاً آخر: أنه يتعين إخراج الزَّيْتون، وعلل بأن النصاب يعتبر فيه دون الزَّيْت بالاتفاق. ومنها الوَرْسُ (٥) والزَّعْفَران والورس شجر يخرج شيئاً كالزَّعْفَران فلا زكاة فيهما على الجديد لما سبق.

ونقل عن القديم: أنه يجب فيه الزكاة إن صح حديث أبي بكر -رضي الله عنه-


(١) الثفاء: بثاء مثلثة مضمومة، وفاء مشددة مع المد. يقال الواحدة ثفا، ويفسر الرافعي له بحب الرشاد وهو الذي قاله أبو حنيفة في كتاب البيان، وذكره الأزهري والرشد تفلة معروفة توكل في حالة الاختيار، وحبه هو الذي يقتات في حال الاضطراب، وفي الصحاح أنه الحرف يعني بضم الحاء وقيل: إنه نبات بالتمر لا يحتاج أكله إلى شرب الماء.
(٢) أخرجه الحاكم (١/ ٤٠١)، والبيهقي (٤/ ١٢٥) وقال في خلافياته رواته ثقات.
(٣) قال ابن الملقن (١/ ٢٩٩) وفي ثبوته نظر. وانظر التلخيص (٢/ ١٦٦).
(٤) أخرجه البيهقي (٤/ ١٢٥ - ١٢٦) وإسناده منقطع، وراويه ليس بالقوي، وعن ابن شهاب مثله. وقال: إن السنة مضت بذلك.
(٥) وقال ابن البيطار في كتاب الجامع: يؤتي به من الصين واليمن والهندوليس هو نبات يزرع كما زعم من زعم، وكأنه يعني أبا حنيفة صاحب كتاب النبات. فإنه قال هو: شيء يشبه زهر العصفر وشيء يشبه البنفسح، ويقال: إن له عروقاً تزرع بالتمر لا تكون بغيرها وهو ينبت نبات السمسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>