اتخاذهما من الذَّهَبِ، وكل ما جاز من الذَّهَبِ فهو من القصة أجوز ولا يجوز لمن قطعت يده، أو أُصبعه أن يتخذهما من ذهَبٍ، أوَ فِضَّةٍ؛ لأنها لا تعمل، بخلاف الأنملة يمكن تحريكها، وهل يجوز لِلرَّجُلِ أن يَتَّخِذَ لخاتمه سِنَّا أو أسناناً من الذَّهَبِ.
قال الأكثرون: لا، وهو الذي أورده في "التهذيب" ونظم الكتاب يوافقه، فإنه لم يستتن من التَّحْريم إلا التَّمْويه واتخاذ الأنف. وقال الإمام: لا يبعد تشبيه القليل منه بالضَّبَّةِ الصغيرة في الأواني، وبتطريف الثَّوب بالحرير. وللأكثرين أن يقولوا: الخاتم ألزم للشَّخْصِ من الإناء واستعماله أدوم، فجاز الفرق بين أسنانه وبين الضَّبَّة، وأما التَّطْرِيفَ بالحرير فأما الحرير أَهْوَن؛ لأن الخُيَلاَء فيه أدنى. واعلم أن كل حلي يحرم لبسه على الرجال يحرم لبسه على الخنثى؛ لجواز كونه رَجُلاً، وهَلْ عليه زَكَاتُه الأظهر: أَنَّها تجب؛ لكونه حراماً. وبه أجاب أبو العَبَّاس الرّوَيانِي في "المسائل الجرجانيات" وقيل: هو على القولين في الْحُلِي المباح، وأشار في "التتمة" إلى أن له لبس حلى الرجال والنساء جميعاً؛ لأنه كان له لبسهما في الصِّغر، فيستصحب إلى زوال الإشْكَال.
قال الرافعي: يجوز للرجل التختم بالفِضَّة؛ لما روي: أنه -صلى الله عليه وسلم-: "اتَّخَذَ خَاتَماً مِنْ الفِضَّةِ"(١) وهل له لبس ما سوى الخاتم من حلي القصة كالسوار والدملج والطرق؟ لفظ الكتاب يقتضي المنع حيث قال:(ولا يحل للرجل إلا التختم به) وبه قال الجمهور.
وقال أبو سعيد المتولي: إذا جَازَ التختم بالفِضَّة فلا فرق بين الأصابع وسائر الأعضاء كَحُلِيِّ الذَّهَب في حَقِّ النِّسَاءِ، فيجوز له لبس الدملج في العضد، والطرق، في العنق، والسّوار في اليد وغيرها، وبهذا أجاب المصنف في "الفتاوى" وقال: "لم يثبت في الفضة إلا تحريم الأواني وتحريم التَّحَلِّي على وجه، يَتَضَمَّن التشبه بالنساء"، فأعلم لهذا قوله:(ولا يحل للرجل إلا التختم به) ويجوز للرجل تحلية آلات الحرب بالفضة، كالسيف، والرمح، وأطر اف السهام، والدرع والمنطقة، والرانين، والخف وغيرها؛ لأنه
(١) أخرجه البخاري (٥٨٦٨، ٥٨٧٠، ٥٨٧٢، ٥٨٧٤، ٥٨٧٥) ومسلم (٦٤٠، ٢٠٩٢، ٢٠٩٣، ٢٠٩٤، ٢٠٩٥) من حديث أنس وأخرجه البخاري (٥٨٦٥، ٥٨٦٦، ٥٨٦٧، ٥٨٧٣، ٥٨٧٦، ٦٦٥١، ٧٢٩٨) ومسلم (٢٠٩١) من حديث ابن عمر.