للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغيط الكفار، وقد ثبت: أَنَّ قَبِيعَةَ سَيْفِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَتْ مِنْ الْفِضَّةِ" (١).

وفي تحلية السرج واللجام والثغر وَجْهان:

أحدهما: وبه قال ابن سَلَمَةَ: يجوز كالسيف، والمنطقة.

وأصحهما: المنع كالأاني بِخِلاَفِ آلاَتِ الْحَرْبِ الْمَلْبُوسَة، ويروى هذا عن نَصِّه في رواية البويطي، والربيع، وموسى بن أبي الجارود، وأجرى هذا الخلاف في الركاب، وفي برة الناقة من الفِضَّة. ورأيت كثيراً من الأئمة قَطَعُوا في تَصَانيفهم بتحريم القلادة للدَّابة، ولا يجوز تحلية شيء مما ذكرنا بالذَّهَبِ؛ لعموم المنع فيه.

ويحرم على النِّسَاءِ تَحْلِيَةُ آلات الحرب بالذَّهَب وَالفِضَّة جميعاً؛ في استعمالِهِنَّ لها تَشَبهاً بِالرِّجَالِ، وليس لهن التَّشَبُّه بالرِّجَال، وهكَذا ذَكَرَه الجَمْهُورُ، واعترض عليه صاحب "المعتمد" بأن آلات الحرب من غير أن تكون محلاة، إما أن يجوز للنساء لبسها واستعمالها، أو لا يجوز.

والثاني: باطل؛ لأن كونه من ملابس الرجال [إنما] يقتضي الكراهية [دون التحريم]. ألا ترى أنه قال في الأم: "ولا أكره للرَّجُلِ لبس اللؤلؤ إِلاَّ للأدب، وأنه من زِيِّ النِّسَاء، لا للتحريم" فلم يحرِّم زِيّ النساء على الرجال، وإنما كرهه، فكذلك حكم العكس، وقد ذكرت نحواً من هذا في "صَلاَة الْعِيد" وأيضاً فإن الحراب جائز للنِّسَاء في الجملة، وفي تجويز الحراب تجويز استعمال آلات الحرب، وإذا ثَبَت جواز استعمالها وهي غير مُحَلاَّة، فيجوز استعمالها وهي محلاة؛ لأن التَّحَلِّي لَهُنَّ أجوز مِنْهُ لِلرِّجَال، وهذا هو الحق -إن شاء الله تعالى (٢) -، وبتقدير ألا يجوز لَهُنَّ استعمالها وهي غير مُحَلاَّة، فلا يكون التَّحْرِيم ناشئاً من التَّحْلِيَة، فلا يحسن تعليقه بِهَا. ويجوز للنِّسَاء لبس أنواع الحُلِيّ من الذَّهَبِ، والفِضَّة، كالقُرْط، والطَّوْقِ، والخاتم، والخُلْخَال، والسّوَار، والتعاويذ، وفي اتخاذهم النِّعال من الذَّهَبِ والفضة وجهان:

أحدهما -ويحكى عن الماوردي-: أنه لا يجوز؛ لما فيه من الإسراف.


(١) تقدم.
(٢) قال النووي: الصواب أن تشبه النساء بالرجال وعكسه حرام للحديث "الصحيح لعن الله المتشبهين من النساء بالرجال والمتشبهات من النساء بالرجال" وقد صَرَّح الرافعي بتحريمه بعد هذا. وأَمَّا نصه في "الأم" فليس مخالفاً لهذا، لأن مراده أنه من جنس زي النساء. والحديث أخرجه البخاري بلفظ "لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- ... الخ" (١٠/ ٣٣٢) في كتاب اللباس/ باب إخراج المتشبهين بالنساء حديث (٥٨٨٥) وأبو داود في السنن (٢/ ٦٠) في كتاب اللباس/ باب: لباس النساء (٤٠٩٧)، والترمذي (٥/ ٩٨) في كتاب الأدب/ باب، ما جاء في المتشابهات حديث (٢٧٨٤) وقال: حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>