رضي الله عنه- وَقَطَعَ به الأَصْحَاب مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ أن يعتبر النِّصَاب في جميع الحول، أو لا يعتبر؛ لأن النقد النَّاقِصَ ليس مال زكاة حتى يفرض جريانه في الحول.
وقوله:(زكاة التِّجَارة والنقدين يبتنى حول كل واحد منهما على صاحبه) ويبين أنه لو باع مال تجارة بنقد بنية القنية يبنى حول النقد على حول مال التِّجَارة، كما يبنى حول مَال التِّجارة على حَوْلِ النقد. وقوله:(لاتحاد المتعلق ومقدار الواجب) إشارة إلى التوجيه الأول وقد بيناه.
قال الرافعي: ربح مال التجارة ينقسم إلى حاصل من غير نضوض (١) المال، إلى حاصل مع نضوضه، وأما القسم الأول فهو مضموم إلى الأصل في الحَوْلِ كالنتاج؛ لأن المُحَافَظَة على حول كل زيادة مع اضطراب الأسْوَاقِ وَتَدَرُّجها انخفاضا وارتفاعاً في غاية العسر. قال في "النهاية": وقد حكى الأئمة القطع بذلك، لكن من يعتبر النصاب في جميع الحول كما في زَكَاة الأعيان قَدْ لا يسلم وجوب الزَّكَاةِ في الربح في آخر الحول.
وقضية قياسة أن نقول: ظهور الربح في أثناء الحول بمثابة نضوضه، وسيأتي الخلاف فيه في القسم الثاني.
قال: وهذا لا بد منه، والأئمة قد يذكرون القول الضَّعِيفَ مع الصَّحِيح، ثم إذا تَوَسَّطُوا التَّفْرِيعَ تَرَكُوا الضَّعِيفَ جَانِباً، وهذا الكلام يقتضي إعلام قوله في الكتاب:(بحول رأس المال) بالواو، فعلى المشهور الصحيح لو اشترى عَرَضاً للتجارة بمائتي دِرْهم، فَصَارت قيمُتُه فِي خلال الحَوْلِ ثلاثمائة، زكي الثلثمائة عند تمام الحول وإن كان ارتفاع القيمة قبيل الحول بلحظة، ولو ارتفعت بعد الحول فالربح مضموم إلى الأصل في الحول الثاني كما في النتاج.
وأما القسم الثاني: وهو الحاصل مع النضوض، فينظر فيه إن صار نَاضاً من غير جنس رأس المال، فهو كما لو بدل عَرَضَا برَضٍ، لأن التقويم لا يقع به، وحكى الشَّيْخُ أَبُو عَلِي عن بعض الأصحاب؛ أنه على الخلاف الذي نَذْكُره فيما إِذَا صَارَ نَاضاً من جنس رأس المال، وإن صار نَاضاً من جنسه فأما أن يفرض ذلك في خلال الحول، أو بعده،
(١) قل ابن القوطبة: نض الشيء حصل والناض من الماء ماله مادة وبقاء وأهل الحجاز يسمون الدراهم والدنانير نضاً وناضاً.