للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِبُ "التقريب"، ثم الفتوى والتفريع على الجديد، وهو الذي ذكره في الكتاب، لكنا نورد صورة لإيضاح هذا الخلاف فنقول: إذا ملك مائة درهم، فاشترى بها مائتي قِفَيزِ (١) من الحِنْطَة، فحال الحول وهي تساوي مائتين، فتجب عليه الزكاة تفريعاً على أن النِّصَاب لا يُعْتَبِر إِلاَّ في آخر الحَوْلِ، فَعَلَى الأصَحِّ يخرج خمسة دراهم، وعلى الثاني خمسة أقفزة، وعلى الثالث: يتخير بينهما ولو أخر إخراج الزَّكاة حتى تَرَاجَعَ السُّوقُ ونَقَصت القِيمَةُ، نظر: إن كان ذلك قبل إمكان الأداء فإن قلنا: الإمكان شرط الوجوب، سقطت الزَّكَاة وإن قلنا: شرط الضَّمَان وعادت القيمة إلى مائة فَعَلَى الأَصَحُّ يخرج درهمين ونصفاً، وعلى الثاني: يخرج خمسة أَقْفِزَة، وعلى الثالث: يتخير بينهما.

وإن كان بعد الإمكان، فعلى الأَصَحِّ يخرج خمسة دراهم؛ لأن النُّقْصَان من ضمانه، وعلى الثاني يخرج خمسة أقفزة، ولا يضمن نقصان القيمة مع بقاء الْعَيْنِ كالْغَاصِب، وعلى الثالث: يتخير بينهما، وإن أخر فزادت القيمة وبلغت أربعمائة، فإن كان ذلكَ قبل الإمكان وقلنا: إنه شرط الوجوب، فعلى الأصَحِّ يخرج عشرة دراهم، وعلى الثاني خمسة أقفزة قيمتها عشرة دراهم؛ لأن هذه الزيادة في ماله ومال الْمَسَاكِين، وعن ابن أبي هريرة: أنه يكفي على هذا القول خمسة أقفزة قيمتها خمسة دراهم؛ لأن هذه الزيادة حدثت بعد وجوب الزكاة، وهي محتسبة في الحول الثاني.

وعلى الثالث: يتخير بين الأمرين.

ولو أتلف الحنطة بعد وُجُوبِ الزَّكَاة وقيمتها مائتا دِرْهم، ثم ارتفعت قيمتها فصارت أربعمائة فعلى الأصَحِّ يخرج خمسة دراهم، فإنها القيمة يوم الإتلاف.

وعلى الثاني: يخرج خمسة أَقْفِزَة قيمتها عَشْرَة دراهم.

وعلى الثالث: يتخير بينهما. إذا عرفت ذلك فالكلام بعده فيما يُقَوّم به العَرَض، ولا يخلو الحال أول ما ملك مال التجارة إما أن يملكه بالنَّقْدِ، أو بغير النقد، أو بهما.

القسم الأول: أن يملكه بالنقد فإما أن يملكه بأحد النقدين، أو بهما.

فإن ملكه بأحد النقدين فإما أن يكون نصاباً أو لا يكون. فإن كان نصاباً كما لو اشتراه بمائتي دِرْهَمٍ، أو عشرين ديناراً، فَيُقَوَّم في آخر الحَوْلِ بذلك النَّقْدَينِ؛ لأن الحول مبني على حوله، والزَّكاة وَاجِبَةٌ فيه فإن بلغ نصاباً بذاك النَّقْد أخرج زَكَاته، وإلا فَلاَ وإن كان الباقي غَالِبَ نَقْدِ البَلَدِ، وَلَوْ قُوِّمَ بِهِ لَبَلَغَ نِصَاباً، بل لو اشترى بمائتي درهم


(١) القفيز ميكال، وهو ثمانية مكاكيك والجمع أقفزة وقفزان والقفيز أيضاً من الأرض عُشْر الجريب ينظر المصباح (٢/ ٧٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>