للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَرَضاً، وباعه وبعشرين ديناراً، وقصد التجارة مستمراً فَتَمَّ الحول والدنانير في يده ولا تبلغ قيمتها مائتي درهم، فلا زكاة فيها، هذا ظاهر المذهب (١). وعن صاحب "التقريب" حكاية قول: أن التقويم أبداً يقع بغالب نَقْدِ البلد، ومنه يخرج الواجب، سواء كان رأس المَالِ نقداً أو غيره؛ لأنه أرفق بالمستحقين، لسهولة التعامل به وحكى الْقَاضِي الرّوَيَانِي هذا عن ابن الْحَداد. وقال أبو حنيفة (٢) وأحمد: يعتبر الأحَظُّ لِلْمَسَاكِين، فَنُقَوِّمْ بِهِ ولا عبرة بما ملك به. وإن كان دون النصاب ففيه وجهان:

أحدهما -وبه قال أبو إسحاق-: أنه يقَوَّم بِغَالب نَقْدِ البلد، كما لو اشترى بِعَرَضٍ؛ لأنه لا زَكاة فيه، كما لا زكاة في العَرَض.

وأصحهما -وهو المذكور في الكتاب، وبه قال ابن أبي هريرة-: أنَّه يُقَوَّم بذلك النَّقْد أيْضاً؛ لأنه أصْلُ مَا فِي يَدِهِ، وأقرب إليه من نقد البلد، وموضع الوجهين ما إذا لم يَمْلِكْ مِنْ جِنْسِ النَّقْدِ الَّذِي مَلَكَ بهِ مَا يتم به النِّصاب، فإن ملك ما يتم به النصاب كما لو اشترى بمائة درهم عرضاً لِلتِّجَارة، وهو يملك مائة أخرى فلا خلاف في أن التقويم بجنس ما ملك به؛ لأنه اشترى ببعض ما انعقد عليه الحول، وابتدأ الحول من يوم ملك الدراهم (٣). وإن ملك بالنقدين جميعاً فله ثلاثة أحوال؛ لأنه إما أن يكون كل واحد منهما نصاباً، أو لا يكون واحد منهما نصاباً أو يكون أحدهما نصاباً دون الآخر.

وأما في الحالة الأولى فيقوَّم بِهِمَا على نسبة التَّقْسيط يَوْم الملك، وطريقه: تقوم أحد النقدين بالآخر يومئذ؛ بأنه اشترى بمائتي درهم وعشرين ديناراً عُرُوضاً لِلتِّجَارَةِ، فينظر إن كانت قيمة المائتين درهم عشرين ديناراً فقد علمنا أن نِصْف العُرُوضِ مشترى بالدراهم، ونصفها بالدنانير، وإن كانت قيمتها عشرة دنانير فثلثها مشترى بالدراهم، وثلثاها بالدنانير، فهكذا تقوّم في آخر الحول، ولا يضم أحدهما إلى الآخر حتى لا تجب الزَّكاة، إذا لم يبلغ واحدٌ مِنْهُمَا نِصَاباً، وإن كان بحيث لو قُوِّم الجميع بأحد النَّقْدَيْنِ؛ لبلغ نِصَاباً، وحول كل واحد من المبلغين من يوم ملك ذلك النقد.

وأما في الحالة الثانية: فإن قلنا: ما دون النِّصاب كالعروض قوم الجميع بنقد


(١) وبه قطع جماهير الأصحاب المتقدمين والمتأخرين ينظر شرح المهذب (٦/ ٢٣).
(٢) [واحتج له بالقياس على ما لو أتلف على غيره شيئاً منقوصاً، فإنه يقوم بنقد البلد لا بما اشتراه به، واحتج أصحابنا للمذهب بأن العرض فرع لما اشتراه به، وإذا أمكن تقويمه بأصله كان أولى، بخلاف المتلف، فإنه لا أصل له، فوجب تقويمه بنقد البلد].
(٣) قال النووي: [لكن يجري فيه القول الذي حكاه صاحب "التقريب"].

<<  <  ج: ص:  >  >>