للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلد. وإن قلنا: إنه كالنصاب (١) قوم ما ملكه بالدَّرَاهِم بالدراهم، وما ملكه بالدنانير بالدنانير (٢).

وأما في الحالة الثَّالِثَة: فيقوَّم ما ملكه بالنَّقدِ الذي هو نصاب بذلك النقد، وَمَا ملكه بالنَّقْدِ الثَّانِي، فعلى الوجهين (٣) وكل واحد من المبلغين يُقَوَّم به في آخر حوله، وحول المملوك بِقَدْرِ النِّصَاب مِنْ يَوْمِ مَلَكَ ذَلِك النَّقْد، وَحَوْل المملوك بالآخر من يوم العرض، وإذا اختلف جنس القوم به فلا ضَمَّ كما سبق.

القسم الثاني: أن يملكه بغير النَّقْد كما لو ملك بعرض للقنية، فيقوم في آخر الحول بآخر نَقْدِ الْبَلَد من دراهم، أو دنانير، إن بَلَغَ به نِصَاباً أخرج زَكَاتَه، وإِلاَّ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وإن كان يبلغ بغيره نِصَاباً، فإن كان يجري في البلد النقدان وأحدهما أغلب، فالتقويم به، وإن استويا نظر إن بلغ بأحدهما نصاباً دون الآخر قُوِّمَ بِهِ، وإن بَلَغَ بِهِمَا، ففيه وجوه أربعة:

أحدها: أن المالك يتميز، فيقوم بأيهما شاء، ويخرج الزّكاة، ويحكى هذا عن أبي إسحاق.

والثاني: أنه يراعى الأَغْبَط لِلْمَساكين.

والثالث: أنه يتعين التَّقويم بالدراهم؛ لأنها أَرْفَق وأَصْلَح لشراء المُحَقَّرَات (٤). قال الرُّويَانِي: وهذا اختيار ابن أبي هريرة.

والرابع: أنه يعتبر بالنقد الغالب في أقرب البلاد إليه، لاستوائهما في ذلك البلد، فصار كما لو لم يكن فيه نقد، فهذا التَّرتيب المذكور في الكتاب، وكذا أَوْرَدَهُ العِرَاقِيُّون، والقاضي الرّويَانِي، وحكموا بأن الوجه الأول أصَحّ.

وإيراد الإمام وصاحب التَّهْذِيب يقتضي ترجيح الوجه الثاني؛ لأنهما قالا: إذا استويا ولم يغلب أحدهما يُقَوَّم بالأنفع لِلْمَسَاكين، فإن استويا فيه، فحينئذ فيه الوجوه


(١) وهو قول أبي إسحاق.
(٢) وبه قطع الجمهور. والثاني: يقوم الجميع بالدراهم لأنه الأصل، ونصوص زكاتها صريحة. شرح المهذب (٦/ ٢٥).
(٣) الأول: برأس ماله. والثاني: بغالب نقد البلد.
(٤) [واحتج له بأن الدراهم ثبت زكاتها بالنصوص المتواترة بخلاف الذهب. قال القاضي أبو الطيب: هذا الاستدلال باطل لأن زكاة الذهب ثابتة بالإجماع فلا فرق بينهما لأن الثابت بالإجماع كالثابت بالنص].

<<  <  ج: ص:  >  >>