للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثلاثة الباقية، وما ذكراه يعتضد بأن الأظهر في اجتماع الحقاق، وبنات اللبون ورعاية الأَغْبَط، وما ذكره غيرهما يَعْتَضِد؛ لأن الأظْهَر في الجَبْرَان أن الْخِيَار في تعيين الشَّاتَينِ والدَّرَاهم إلى المُعْطِي، ويدخل في هذا القسم المملوك بالخُلْع والنّكاح على قصد التِّجَارة، إذا قلنا: إنه مال تجارة.

القسم الثالث: أنه يملك بالنقد، وغيره معاً كما لو اشترى بمائتي درهم وعرض قنية، فما يقابل الدراهم يُقَوم بالدراهم، وما يقابل العَرَض يقوّم بنقد البلد، فإن كان النَّقْد دون النِّصَاب عَادَ الوجهان، وكما يجزئ التقسيط عند اختلاف الجنس يجزئ عند اختلاف الصِّفَة، كما لو اشترى بِنِصَابٍ من الدَّنَانِير بَعْضُهَا صَحِيح، وبعضها مكسر، وبينهما تفاوت يقوم ما يخص الصّحاح بالصّحاح، وما يخص المكسر بالمنكسر.

ولا يخفى عليك بعد هذا الشَّرح أن لفظ (القيمة) من قوله في الكتاب: (فهو ربع عشر القيمة) فينبغي أن يكون مُعَلَّماً بالواو، وقوله: (من النقد الذي كان رأس المال) بالحاء، والألف، وقوله: (أو لم يكن) بالواو، وقوله: (فإن غلب نقدان) أي: على التساوي، -والله أعلم-.

قال الغزالي: وَلاَ يُمْتَنَعُ عَلَى التَّاجِرِ التِّجَارَةُ لِعَدَمِ إِخْرَاجِ الزَّكاةِ، وَأَمَّا الإِعْتَاقُ وَالهِبَةُ فَهُوَ كَبَيْعِ المَوَاشِي بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا.

قال الرافعي: هل ينفذ بيع التَّاجر مال التجارة بعد تمام الْحَوْل ووجوب الزَّكَاة فيها؟ ذكر بعض الأصحاب، أنه على الخِلاَف في بَيْع سَائِرِ الأمْوَالِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا، وروى في "النهاية" عن بعضهم أنا إن قلنا: إِنَّ زَكَاةَ التِّجَارَةِ تُؤَدِّي مِنْ عَيْنَ العُرُوض، فهو على ذلك الخِلاَف. وإن قلنا: تُؤَدَّى من القيمة فالحكم فيه كالحكم في ما لو وجبت شاة في خَمْسٍ من الإبِلِ فباعها؛ لأن القيمة ليست من جِنْسِ العَرَض، كالشَّاةِ لَيْسَتْ من جِنْسِ الإبِل. والذي قطع به الجمهور، وأورده في الكتاب، أنه يَجُوز البَيْعُ، ولا يخرج على ذلَك الخلاف؛ لأن متعلق هذه الزَّكاة المالية والقيمة وهي لا تفوت بالبيع، ولا فرق بين أن يَبِيعَ على قَصْدِ التِّجَارَةِ وهو الذي يتناوله لفظ الكتاب، أو على قَصْدِ اقتناء العَرَض، فإن متعلق الزَّكَاة الواجبة لا يبطل، وإن صار مال قنية، فهو كما لو نوى الاقتناء مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ، ولو أعتق عبد التجارة، أو وهب مال التجارة، فحكمه حكم ما لو باع المواشي بعد وجوب الزَّكَاة فيها؛ لأن الإعتاق والهبة يبطلان متعلق زكاة التجارة، كما أن البيع يبطل متعلق زكاة العَيْنِ، ولو بَاعَ مَالَ التِّجارة بمحاباة فقدر المحاباة كالموهوب، فإن لم تصحح الهِبَة وَجب أن تبطل في ذلك القدر، ويخرج في الباقي على تفريق الصَّفْقَة، -والله أعلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>