إن قلنا بالأول فله إِخْرَاجُها منه استبداداً. وإن قلنا بالثاني، فَلاَ، ولك أن تقول إنما أن يحْسُن أخْذُ الوجهين من هذا المأْخَذِ، إذا أثبتنا الخلاف في كون الزَّكاة مُؤْنَةً أو استرداد طائفة على الإِطْلاَق، لكن أومأ الصيدلاني إلى تخصيص ذلك الخلاف بزكاة جَمِيع الْمَال، إذا أخرجها المالك تفريعاً على القول الأول، فأما ما يخرجه من المَالِ لِزَكاة رأس المال من نَصِيبه من الرِّبْح فهو كاسترداد طائفة، ولا يتجه فيه الوجهان؛ لأن العامل قد اختص بالتزام ما يخصه، فكيف يحسب من الرّبح ما يخص المالك، وقد صرح الإمام بهذا الذي أومأ إليه الشيخ الصَّيْدَلاَنِيّ فكان من حقه أن يقول بأحد الوجهين من المأخذ المذكور، أو لا يقول بتخصيص الوجهين بالقَوْل الأول -والله أعلم-.
الحالة الثالثة: أن يكون أحدُهُمَا مِنْ أَهْلِ وُجُوب الزَّكَاة دون الآخر، فإن كان الذي هو من أهل الوجوب منهما المالك وفَرَّعْنَا على أنَ الكُلَّ لَهُ مَا لَمْ يُقْسَمْ فعليه زكاة لكُلِّ، وإن فَرَّعْنَا على القول الآخر فَعَلَيْهِ زَكَاةُ رأسِ المالِ ونصيبهِ من الرَّبْحِ، ولا شيءَ على العَامِلِ، ولا يكمل مال المالك إن لم يبلغ نصاباً، بنصيب العامل، وإن كان العاملُ من أهلِ الوُجوبِ دُونَ المَالِك.
فإن قلنا: كل المال للمالك قبل القِسْمَة فلا زَكَاة، وإن قلنا: لِلْعَامل حِصَّتُهُ مِنَ الرِّبْحِ فَفِي الزَّكَاةِ عليه الْخِلاَفُ الَّذِي سَبَقَ في الْحَالَة الأولى، فإن أوجبنا الزَّكَاة فذلك إذا بلغت حِصَّتُهُ نِصَاباً، أو كان له ما يتم به النِّصَاب ولا تثبت (١) الخُلْطَة هاهنا بلاَ خِلاَف، ولا يجيء في اعتبار ابتداء الحول هاهنا إلا الوجه الأول والثَّالِث، ويسقط الثاني؛ لأنه لا تقويم على من لا زكاة عليه، وليس له إخراج الزَّكَاةَ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ هاهنا بلا خلاف؛ لأن المالك لم يدخل في العَقْد على أن يُخْرج من المَالِ الزَّكاة، هكذا ذَكَرُوهُ ولمانع أن يمنع ذلك؛ لأنه عامل من عَلَيه الزَّكاة.
وَعُدْ بعد هذا إلى لفظ الكتاب، وأعلم قوله:(لا يملك الربح بالظهور) بالحاء؛ لأن مذهبا أبي حنيفة -رحمه الله- مثل القول الثاني.
وقوله:(وجب زكاة الجَمِيع على المالك) بالواو؛ لما حكيناه عن الإمام -قدس الله روحه-. وقوله بعد ذلك:(يملك) بالزاي؛ مذهب المزني -رحمه الله-، مثل القول الأول، ولا يخفي عليك أن قوله:(لا يملك الربح بالظهور) أراد به حِصَّته من الرِّبح، ففيه الخلاف. ولك أن تعلم قوله:(من وقت الظهور) بالواو، إشارة إلى وجهين ذَكَرْنَاهُمَا في ابتداء الحَوْلِ فإنهما لا يَعْتَبِران وَقْتَ الظُّهُورِ، وإن ساعد هذا الوجه على