للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظائره؛ لأنه لا يتمكن من التَّصَرُّف على حسب مشيئته.

والثَّاني: القطع بالوجوب؛ لأنه مُتَمَكِّن مِنَ التَّوَصُّلِ إِلَيْهِ متى شَاء بالاسْتِقْسَام، فأشبه الدَّيْنَ الحَالَّ عَلَى الْمَلِيءِ.

والثالث -ويحكى عن القفال-: القطع بالمنع؛ لأن ملكه غير مستقر من حيث إنه وقاية لرأس المال عن الخُسْران، فصار كملك المُكَاتب، فإن أوجبناه وهو الظَّاهر - سواء أثبتنا الخلاف أم لا، فالكلام في أمور:

أحدها: حول حِصَّتِهِ من الرِّبْحِ هل هو حول رأس المال؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم، كحصة المالك منه؛ لأنهما جميعاً مستفيدان للرِّبْح مِنْ رَأسِ الْمَال.

وأصحهما: لا؛ لأنه في حَقِّه أَصْلٌ وَاقِع في مقابلة عمله، ولا عهد بضم مِلْك الْغَيْرِ إِلَى الْغَيْرِ فِي الْحَوْلِ، وعلى هذا فَمِنْ مَتَى يبتدأ الحول؟ فيه ثلاثة أوجه:

أصحها: وهو نصه في "المختصر": أنه من يوم الظُّهور لِثُبُوتِ مِلْكِهِ من يَؤْمَئِذٍ.

والثاني: من يوم يقوَّم المالُ على المالك لأخذ الزكاة.

والثالث: من يوم القسمة؛ لأن مِلْكِه حينئذ يستقر.

الثاني: إذا تَمَّ حوله، ونصيبه لا يبلغ نصاباً، ومجموع المال نِصَاب فإن أثبتنا الخُلْطَة في النَّقْدَيْنِ فعليه الزَّكَاة، وإلاَّ فلا إلا أن يكون له من جنسه ما يتم به النِّصَاب، وهذا إذا لم نجعل ابتداء الحول من يوم المُقَاسَمة، فإن حسبناه من المقاسمة سَقَطَ النَّظَر إلى قَوْلَى الخُلْطَة.

الثالث: لا يلزمه إخراج الزَّكَاةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ؛ لأنه لا يعلم سَلاَمَةِ نَصِيبِهِ له إلا إذا تَقَاسما وحينئذ يُزَكِّيه لما مضى، كالدَّيْنِ إذا اسْتَوْفَاهُ، هذا هو الأظْهَر، ونفى ابْنُ عَبْدَانَ الخلاف فيه. وفيه وجه آخر: أنه يجب الإخْرَاج في الْحَال لتمكنه من الاستقسام، فأشبه الوَدِيعة عِنْدَ الْغَيْرِ، ويحكى هذا عن صَاحِب "التَّقْرِيب".

والرابع: إن أخرج الزَّكَاةِ مِنْ مَوْضِعٍ آخر فذاك، وإن أراد إِخْرَاجَهَا مِنْ مَالِ الْقَرَاضِ، فهل يَسْتَبِد به أم لِلْمَالك منعه؟ فيه وجهان:

أظهرهما: أنه يستبد، وذكر الرّوَياني أنه المنصوص.

والثاني -ولم يورد الصيدلاني غيره-: أنه لا يستبد بِهِ وللمالك منعه؛ لأن الربح وقايةٌ لِرَأْسِ المال عن الخُسْران، فله أن يمنعه من التَّصَرُّفِ فيه حتى يسلم إليه رأس المال. قال الإمام: ويمكن تخريجها على ما ذكرنا من أن الزَّكَاة مؤنة أو استرداد طائفة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>