للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: لا يعتبر، وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله-؛ لأنه مالٌ يجب تَخْمِيسُه فلا يعتبر فيه نصاب كالفئ والغنيمة.

والثاني: يعتبر؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي الذَّهَب شَيْءٌ حَتَّى يَبْلُغَ عِشْرِينَ مِثْقَالاً" (١) وكيفما كان فالظَّاهِرُ من المَذْهَب اعْتِبَار النِّصَاب وَعَدَم اعتبار الحول، والمعنى فيه أن النصاب إنما اعتبر لَيَبْلَغَ الْمَالُ مَبْلَغًا يحتمل المُوَاساة، والحول إنما اعتبر ليتمكن من تنمية المال وتسييره والمستخرج من المعدن نما في نفسه، ولهذا اعتبرنا النصاب في الثمار والزروع، ولم نعتبر الحول -والله أعلم-.

وقوله في الكتاب: (كل حر، مسلم) التعرض للحرية والإسلام، كالمفروغ هاهنا؛ لأنا عرفنا اعتبار الصفتين من المالك في جميع الزَّكَوات، والاكتفاء بهما للوجوب بما ذكره في أركان الوجوب وإن كان في ترتيب الكتاب اضطراب على ما بينته في أول: "كتاب الزكاة" ويجيء مثل هذا الكلام في قوله في أول زكاة المُعَشَّرَات: (إذا كان مالكه حُرّاً مسلماً) وقوله: (من النقدين) قصد به الاحتراز عن المستخرج من المعادن، مِمّا سِوَى النقدين، فليكن مُعَلَّماً بالحاء والألف والواو لما سبق.

وقوله: (ربع العشر) معلم بالحاء والزّاي.

وقوله: (الخمس) بالألف والميم لما سبق.

وقوله: (وفيه قول أن النصاب لا يعتبر) ينبغي أن يُعَلّم كلمة: (لا يعتبر) بالميم والألف؛ لأنهما يعتبران النصَاب كما هو الأصح عِندنا. وقوله: (والصحيح أن الحول لا يعتبر) يجوز أن يُعَلَّم بالواو؛ لأنه إثبات لِلْخِلاَف فيه كما نقلناه، لكن ابْنَ عَبْدَانَ حكى طريقة أخرى قاطعة بعدم الاعتبار، ولم يثبت ما رواه المزني لإرساله، ولو أَعْلَمْتَ قوله: (لا يعتبر) بالزاي لما ذكرنا من اختيار المزني لجاز.

قال الغزالي: ثُمَّ عَلَى اعْتِبَارِ النِّصَابِ مَا يَجِدُّ شَيْئاً فَشَيْئًا يُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ كَمَا يتلاحَقُ مِنَ الثَّمَارِ، وَلَكِنَّ الجَامِعَ هَهُنَا اتِّصَالُ العَمَلِ فَإِنْ أَعْرَضَ لإصْلاحَ آلتِهِ لَمْ يَنْقَطِعْ، وإنْ كَانَ الانْتِقَالُ إلَى حِرْفَةٍ أُخْرَى انْقَطَعَ، وإنْ كَانَ لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ فَوَجْهَانِ، وَكذَلِكَ يَكْمُلُ النّيل (و) بِمَا يَمْلِكُهُ مِنَ النَّقْدَينِ لاَ مِنْ جِهَةِ المَعَادِنِ، وَبِمَا يَمْلِكُهُ مِنْ أَمْوَالِ التِّجَارَة حَتَّى تَجِبَ الزَّكَاةُ فِي قَدْرِ النَّيْل بِحِسَابِهِ وإِنْ لَمْ تَجِبْ فِيمَا كَمُلَ بِهِ لِعَدَمِ الحَوْلِ فِيهِ فَإِنَّ زَكَاةَ المَعْدِنِ وَالنَّقْدَينِ وَالتِّجَارَةِ مُتَشَابِهَةٌ في اتِّحَادِ المُتَعَلَّقِ فَيَكْمُلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ.


(١) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>