للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرافعي: مضمون الفصل مسألتان مفرعتان على اشتراط النِّصَاب:

إحداهما: ليس من الشَّرْط أن ينال في الدفعة الواحدة نِصَاباً بَلْ مَا نَالَهُ بدفعات يُضَمُّ بعضها إلى بعض في الجملة؛ لأن المُسْتَخْرَج من المعدن، هكذا ينال غالباً، فأشبه تلاحق الثمار لكن الضابط في ضَمِّ الثِّمار بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ كونها ثِمَارَ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وهاهنا ينظر إلى العمل والنَّيْل، فإن تتابع العمل وَتَوَاصَل النَّيْلُ ثَبَتَ الضَّمُّ.

قال في "التهذيب": ولا يشترط بقاء ما استخرج في ملكه فإن تتابع العَمَل ولكن لم يتواصل النيل بل حفر المعدن زماناً ثم عاد النَّيْلُ، فإن كان زمان الانقطاع يسيراً لم يقدح في الضَّم. وإن طال فقد قال في "النهاية": في الضم وجهان:

وقال الجمهور: فيه قولان:

الجديد: الضَّم؛ لأن المَعْدن كثيراً ما يعرض له ذلك، فلو لم يُضَمّ بطلت زكاة المعدن في كثير من الأحوال:

والقديم -وبه قال مالك-: أه لا يُضَمُّ كما لو قطع العَمَل، وكحِمْلَيْ سَنَتَيْنِ، وإن قطع العمل مع تَوَاصُلِ النَّيْل ثُمَّ عاد إليه نظر إن كان القطع بغير عذر عَارِض فلا ضَمَّ، طال الزَّمَنُ أَوْ قَصُر؛ لأنه أعرض عن هذا النَّوْع من الاكتساب واشتغل بِحِرْفَةٍ أخرى فما يناله بعد العود شيء جديد.

وإن قَطَعَ لِعُذْرٍ فَالضَّمُّ ثَابِتٌ إن قَصُرَ الزَّمَانُ، وإن طَالَ فكذلك عند الأكثرين؛ لأنه عَاكِفٌ على العَمَلِ متى ارتفع العُذْرُ، وَحَكَى الصَّيْدَلاَنيّ وغيره وَجْهاً أنه لا ضَمَّ عِنْدَ طُولِ الزَّمَان، وفي حَدِّ الطُّولِ وَجْهان نقلهما القاضي الرُّوياني:

أحدهما: أنه ثلاثة أيام.

والثاني: يوم كامل؛ لأن العادة العمل كل يوم، وتَرْكُ نوبةٍ كاملةٍ (١) فَصْلٌ طَوِيلٌ.

والأصَحُّ فيه، وفي نظائره تحكيم العرف، ثم إِصْلاحَ الآلات وهَرَبُ العبيد والأُجَراء من الأعذار بلا خلاف، وفي المرض والسفر وجهان:

أحدهما: أنهما يمنعان الضَّمّ بحصول صورة الانقطاع مع أنهما قد يَمْتَدَّانِ.

وأصحهما: أنهما لا يمنعان كسَائِرِ الأَعْذَار، وهذا ما نَصَّ عليه في المرض، ولم يذكر الأكْثَرُونَ غَيْرَه، وينبغي أن يكون السَّفَرُ مرتباً على المَرَضِ، ومتى حكمنا بعَدَمِ الضَّمِّ فذلك على معنى أن الأول لا يضم إلى الثَّانِي في وُجوبِ حَقِّ المَعْدَنِ، فأما الثَّاني


(١) في أ (يوم كامل).

<<  <  ج: ص:  >  >>