للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنا ما روى عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "صَلَّى الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ دَعَا بِبَدَنَةٍ فَأَشْعَرَهَا فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الأَيْمَنُ" (١) وإن ساق غنماً استحب تقليدها، ولكن بِخُرُبِ القربَ، وهي عُرَاهَا وأَذَانها لا بالنّعل؛ لأنها ضعيفة يثقل عليها حمل النعال (٢).

وقال مالك وأبو حنيفة: لا يستحب تقليد الغنم.

لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- "أَهْدَى مَرَّةً مُقَلَّدَةً" (٣) ولا يستحب إِشْعَارها لأنها ضعيفة، ولأن شعرها يمنع من ظهور الدم، ثم إذا قَلَّد النّعم وأشعرها لم تصر بذلك هَدْيَاً واجباً على أصح القولين، كما لو كتب الوقف على باب داره لا تفسير وقفاً. وإذا عطب الهَدْي الذي ساقه في الطريق، ينظر إن كان تطوعاً فهو ماله يفعل به ما يشاء من بيع وأكل وغيرهما، وإن كان واجباً فعليه ذبحه، فلو تركه حتى هلك ضمنه، وإذا ذبحه غمس النعل الذي قَلَّدَه في دَمِه، وضرب بها صَفْحَة سَنَامها، وتركه ليعلم من مرّ به أنه هَدْي فيأكل منه، وهل تتوقف الإباحة على أن يقول: أبحته لمن يأكل منه، فيه قولان:

أصحهما عند صاحب "التهذيب": أنه لا حاجة إليه؛ لأنه بالنذر زال ملكه عنه، وصار للنَّاس، ولا يجوز للمُهدي ولا لأغنياء الرفقة الأكل منه، وفي فقرائها وجهان:

أصحهما: أنه ليس لَهُمُ الأكل أيضاً لما روي أَنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال فيه: "لاَ تَأْكُلُ مِنْهَا أَنْتَ وَلاَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رِفْقَتِكَ" (٤) -والله ولي التوفيق- (٥).

تم الجزء الثالث

ويليه الجزء الرابع، وأوليه:

"كتاب البيع"


(١) أخرجه مسلم (١٢٤٣).
(٢) وفي الأفضل مما تقدم من الإشعار والتقليد، وجهان:
أحدهما: يقدَّم الإشعار، وقد صح فيه حديث في "صحيح مسلم".
والثاني: يقدم التقليد، وهو المنصوص. وصح ذلك من فعل ابن عمر -رضي الله عنهما-.
قال صاحب "البحر": وإن قرن هديين في حبل، أشعر أحدهما في سنامه الأيمن، والآخر في الأيسر، ليشاهدا، وفيما قاله احتمال -والله أعلم- ينظر الروضة (٢/ ٤٥٩).
(٣) أخرجه البخاري (١٧٠١، ١٧٠٢، ١٧٠٣، ١٧٠٤) ومسلم (١٣٢١).
(٤) أخرجه مسلم (١٣٢٦).
(٥) ثبت في ط قوله: (تم الربع الأول وهو ربع العبادات من كتاب العزيز في شرح الوجيز بحمد الله تعالى وعونه، ويتلوه في هذا المجلد أيضاً كتاب البيع، ولقد نقلنا هذه الدرر النفيسة من نسخة كتبت على يد المغفور له (أبو) بكر بن محمود بن بابا، في سنة سبع وستين وستمائة هجرية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية).

<<  <  ج: ص:  >  >>