وقال الغزالي في باب حقوق المملوك: "فَأَمَّا مِلْك اليمين فهو يقتضي حقوقاً في المعاشرة لا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهَا فَقَد كان آخر ما أوصى به الرسول -صلى الله عليه وسلم- "اتقوا الله فيما ملكت ايمانكم أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم من العمل ما لا يطيقون فما أحببتم فأمسكوا وما كرهتم فبيعوا ولا تعذبوا خلق الله فإن الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إياكم". وجاء في هذا الصدد كثير من الآيات التي تدل على مبلغ عناية الشريعة الإسلامية بالرقيق، ومعاملة مما لم يجيء بمثله دين سماوي أو تشريع وضعي، ومنه يؤخذ أن معاملة الأسرى في الإسلام كانت معاملة رفق ورحمة، وإن ما يتقوله خصومه عليه من هذه الناحية ناشيء إما عن جهالة عمياء بقواعد الإسلام وأصوله أو عن بغض كامن في نفوسهم لهذا الدين الحنيف. فإن المدنية الحديثة التي يطنطنون بمفاخرها وإن كانت قد تورعت عن رق الأفراد، وعدت ذلك وحشية وهمجية لا تتفق مع الإنسانية، فإنها استساغت رق الشعوب، والأمم، وعاملتهم بمنتهى القسوة والفظاعة وصادرتهم في حرياتهم وأموالهم، وتصرفت في عقائدهم، ودياناتهم وفرضت عليهم قوانينها وأحكامها فرضاً ثم أخذت تطعن على الإسلام لأنه أقر رق الأفراد "سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم".