ولو أقرّ في المرض بأنَّه أبانها في الصحَّة، فلا يُجْعَل فارًّا، ويُصَدَّقُ فيما يقوله، وتحسب العدة من يومئذٍ، وفيه وجْه للتهمة، والأظْهر الأول، قال القاضي أبو الطيِّب -رحمه الله-: لأن المريض إذا أقرَّ بما فَعَلَه في صحَّته، كان كما لو فَعَلَه في الصحَّة؛ ألا ترى أنَّه لو أقر في مرضه أنَّه وهَبَ في الصحَّة أو قبض، كان من رأس المال، وقد يجيء الخلاف في هذه الصورة، كما حكَيْنا الخلاف فيما إذا أقَرَّ في مرض المَوْت أنه وهب من وارثه في الصحَّة إذ فرَّعنا على أنَّه لا يقبل إقراره للوارث.
فرْعٌ: طلَّق إحدى امرأتيه، ثم مَرِضَ مرَضَ المَوْت، فقال: عنيت هذه، قُبل قوله ولم ترث وإن كان قد أبْهم، فعيَّن في المرض واحدة، قال إسماعيل البوشنجي -رحمه الله-: يُخرَّج على أن التعيِين إيقاعُ الطلاق في المعيَّنة، أو بيان لمحل الطلاق الواقع، إن قلْنا بالثاني، لم تَرِث، وإن قلْنا الأول، فعلى قولَيْ توريث المبتوتة (١) والله أعلمٌ.
تم الجزء الثامن، ويليه الجزء التاسع
وأوله:"في تعديد الطلاق"
(١) قال النووي: إنَّما ترث المبتوتة على القديم إذا أنشأ تنجيز طلاق زوجته الوارثة بغير رضاها في مرض مخوف، ولصل به الموت ومات بسببه. فإن برأ من ذلك المرض، ثم مات، لم ترث قطعاً. ولو مات بسبب آخر، أو قتل: في ذلك المرض، فقطع صاحب "المهذب" وغيره، بأنها لا ترث على القديم. وقال صاحب "الشامل" و"التتمة": ترث.