أن توجَد الصِّفة في الصِّحة والمرض، كما إذا قال: إذا جاء الغد أو قَدِمَ فلان، فأنْتِ طالقٌ، ثم جاء أو قَدِم، وهو مريض، فَفِيه قولان:
أصحُّهما: أنَّه ليس فارّ، وإذا فسخ النِّكَاح لغيبها في المرض، لم يُجْعَل فاراً لأن ما فيها من النَّقْص هو الذي دَعَاه إلَيْه.
ولو لاعن عنْها، وكان القَذْف في حال الصِّحَّة، لم يكن فارًّا، وإن كان القذف في المَرَض أيضاً، فوجهان:
أصحهما: أنَّه لا يكون فارًّا؛ لما يتعلق به من فرض نَفْي النَّسَب، وإسْقَاط الحد.
والثاني: قال أبو حنيفة واختاره القاضي ابن كج.
ولو طلق العبد امرأته، والحرُّ امرأته الأمة أو المسلم زوجته الذميَّة في المَرَض، ثم عَتَق العبد أو الأمة، أو أسلمت الذمية في العِدَّة، ثم مات الزوج، فلا إرث؛ لأنَّها لم تكُنْ وارثةً يَوْم الطَّلاق، فلا تهمة، وكذا لو أبانها في مرضه بعْدما ارتدَّ أو ارتدَّت، ثم جمَعَهُما الإِسْلام في العدَّة؛ لأنها لم تكُنْ وارثةً يومئذ، ولو ارتدَّت بعْد ما أبانها في المَرَضْ ثم عادَتْ إلى الإِسلام، فهو فارٌّ؛ لقيام التهمة.
ولو قال لزوجته الأمة: أنتِ طالقٌ غدًا فعَتَقَتْ قبْل الغد أو طلَّقها، وهُو لا يَعْلَم أنَّها عَتَقَتْ، فليس بفَارٍّ وكذا لو ارتدَّ في المرض قبل الدخول أو بعده، وأصر إلى انقضاء العدَّة، ثم عاد إلى الإِسْلام، ومات لم يكن فارًّا لأنَّه لا يقْصِد بتبديل الدِّين حرمان الزوجة عن الميراث، وفيه وجْه ضعيف، وقَدْ قيل بطَرْده فيما إذا ارتدت المرأة حتَّى تجعل فارَّة يرِثها الزوج.
ولو أبان المُسْلِمَة في المَرَض، فارتدَّتْ، وعادت إلى الإِسْلام في العدة، وَرِثَت؛ لأنَّها بصفة الوارثين يَوْم الطَّلاق، ويوْم المَوْت، وكذا لو عادَتْ بعْد انقضاء العدَّة، إن قلْنا: إن المبتوتة تَرِثُ بعد انقضاء العدَّة.
ولو طلَّق زوجته الأمة في المَرَض، وعتقت، واختلفا، فقالَت المرأة: طَلَّقَنِي بعْد العِتْق فلي الميراث، وقال الوارث: بل قبْله، فلا ميراث لك، فالقول قوْلُ الوارث مع يمينه؛ لأن الأصْل استمرار الرِّقِّ.
ولو أرضعتْ زوجها الصغير في مرض مَوْتها، فقَدْ قيل: تُجْعَل فارَّة عَن الميراث، ويرثها الزوج، وظاهر المذهب خلافُه، وشبّه هذا الخلاف بالخلاف فيما إذا أعتق العَبْد، وتحته أمة لا خيار لَهُ على الظاهر، وإن كان يثبت لهَا الخيار إذا أعتقتْ تحْت عبد.