للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيكمل بالأول كما يكمل بما يملكه لا من جهة المعادن على ما سيأتي بيانه.

وقوله في الكتاب: "ولكن الجامع هاهنا اتصال العَمَلِ" قَصْر النَّظَرِ عَلَى العَمَلِ، وإعراض عن تواصل النَّيْلِ، وإنما يستمر ذلك جواباً على الجديد وهو أن انقطاع النَّيْلِ لا أثر له مع اتصال الْعَمَلِ، فيجوز أن يُعَلَّم بالميم والواو إشارة إلى القديم ومذهب مَالِك.

الثانية: إذا نال من المَعْدن ما دون النِّصَاب، وهو يملك من جنْسِه نِصَاباً أو زائداً عليه، فإمَّا أن يناله في آخر جزء من حَوْلِ ما عنده، أو بعد تمام حَوْلِهَ أو قبله.

فأما في الحالتين الأوليين فيصير النَّيْلُ مضموماً إلى ما عِنْدَه، وعليه في ذلك النَّقْدِ حَقَّه وفيما ناله حقه على اختلاف الأحوال فيه؛ لأنهما من جنس واحد، والوجوب ثَابِتٌ فيهما جميعاً. وأما إذا ناله قبل تمام الحول فلا شيء فيما عنده حتى يتم حوله، وفي وجوب حَقّ المعدن فيما ناله وَجْهَان:

أصحهما -وبه أجاب ابن الحداد واختاره القاضي أبو الطَّيِّب، وهو ظاهر نصه في "الأم"-: أنه يجب؛ لأن زكاة النَّقْدَيْنِ لا من جهة المعادن مع زكاتهما من جهة المعادن متشابهتان في اتحاد المتعلق على ما سبق ذكر نظيره في "زَكَاة التجارة".

والثاني: وبه قال الشَّيْخُ أبو حامد-: أنه لا يجب؛ لأنه لا زكاة فيما عنده حتى يصلح لاستتباع غيره، فعلى هذا يجب فيما عنده ربع العشر عند تمام حوله، وفيما ناله ربع العشر عند تمام حوله. وإن كان يملك من جنسه دون النّصاب، كما لو كان يَمْلِك مَائَةِ دِرْهَم، فنال من المعدن مائة، نظر إن نال بعد تمام حول على ما عنده، ففي وجوب حَقِّ الْمَعْدن فيما ناله الوجهان؛ لأنه لا زكاة فيما عنده لنقصانه عن النِّصَاب؛ فعلى الأول يجب فيما عنده رُبُعُ العُشْرِ إذا مَضَى حَوْلٌ من يوم كَمَلَ النِّصَاب بالنَّيْلِ، وعلى الثَّانِي لا يجب شيء حتى يمضي حولٌ من يوم النَّيْلِ، فيجب في الجميع رُبُع العُشْر. وعن صاحب "الإفصاح" وجه: أنه يجب فيما نَالَه حَقه وفيما كان عنده رُبُعُ العُشْرِ فِي الْحَالِ؛ لأنه كَمُلَ بالنَّيْلِ، والحول قد مضى عليه، والنَّيْلُ بمثابة ما حال عليه الحول من الأَمْوَال؛ وإن ناله قبلَ أن يَمْضِيَ حَوْلٌ على المائة فلا مساغ لوجه (١) صَاحِب


(١) قال عنه في شرح المهذب، وهذا ضعيف وباطل لأن الذي كان عنده دون نصاب، فلم يكن في حوله. وقال: وهذا الوجه المنسوب إلى أبي علي صاحب الإفصاح نقله أبو حامد والشيرازي في فصل الركاز وغيرهما من الأصحاب عن نص الشافعي، واختاروه ورجحوه، ولكن الأصح ما اختاره القاضي أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما من المحققين أنه لا شيء فيما كان عنده حتى يحول حوله من حين كمل نصاباً. -والله أعلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>