للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الإفصاح"، ويجئ الوجهان الأولان، وهذا التَّفْصِيلُ مذكور في بعض طرق العِرَاقيين، وقد نَقَل مُعْظَمه الشَّيْخُ أبُو عَلِي، ورأيت الإمام نسبه إلى السَّهُوِ فيه، وقال: إذا كان يملكه دون النِّصَاب فلا ينعقد عَلَيْهِ حول؛ حتى يفرض له وسط آخر، ويحكم بوجوب الزَّكَاة فيه يوم النِّيْلِ، ولا شَكَّ في بعد القول بوجوب الزَّكَاة فيه يوم النَّيْل؛ لكن الشَّيْخَ لم يتفرد بهذا النَّقْل ولا صار إليه حتى يعترض عليه، وإنما نقله متعجباً منه مُنْكِراً، ولو كان ما عنده مالَ تِجَارة انتظمت فيه الأحوال الثّلاث، وإن كان دُونَ النِّصَاب فلا إِشْكَال؛ لأن الْحَوْلَ ينعقد عَلَيه، ولا يعتبر النِّصَاب إلا في آخر الحَولِ على الصَّحِيح. فإن نال من المَعْدِن في آخر حول التِّجارة ففيه حق المعدن، وفي مال التجارة زكاة التجارة إن كان قدر النِّصَاب، وكذلك إن كان دونه، واكتفينا بالنصاب في آخر الحول. وإن نال قبل تَمَام الحول، ففي وجوب حق المعدن الوجهان السَّابقان، وإن نال بعد تمام الحول، نظر: إن كان مال التجارة نِصَاباً في آخر الحول، ففي النَّيْلِ حَقُّ المعدن؛ لانضمامه إلى ما وجب فيه الزَّكاة، وإن لم يكن نِصَاباً، ونال بعد ما مضى شهر من الحول الثَّاني مثلاً فيبنى ذلك على الخِلاَف في أن سلعة التِّجارة إذا قُوِّمَت في آخر الحَوْل، ولم تبلغ نصاباً، ثم ارتفعت القِيمَةُ بَعْدَ شَهْرٍ هل يجب فيها الزكاة أم ترتقب آخر الحول الثاني؟ إن قلنا بالأول: فتجب زكاة التجارة في مال التِّجارة، وحينئذ يجب حَقّ المعدن في النَّيْل بِلاَ خلاف.

وإن قلنا بالثاني: ففي وجوب حق المعدن الوجهان.

واعلم: أن جميع ما ذكرناه مُفَرَّعُ على الصَّحِيحِ في أن الحول ليس بِشَرْطٍ في زكاة الْمَعْدن، فإن شَرَطْنَاه انعقد الحَوْلُ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ وَجَدَهُ.

وقوله في الكتاب: (حَتَّى تَجِبَ الزَّكاة في قدر النَّيْل) مُعَلَّم بالواو للوجه المنسوب إلى الشَّيْخِ أَيِ حَامِدٍ، وشهره الإمامُ برواية الشَّيْخِ أَبِي عَلِيّ.

وقوله: (لعدم الحول) فيه تمثيل، وفي معناه ما إذا كان الذي عنده دون النِّصَاب، فإنه لا تجب فيه الزَّكاة إلا على ما حكى عن صاحب "الإفصاح".

وقوله: قبل ذلك "بما يملكه من النقدين" لا من جهة المعادن الحكم غير مخصوص بما إذا كان يملكه لا من جِهَة المعادن، بل لو نال من المعدن ما دون النّصاب وحدث ما يمنع الضَّم، ثم نال قدراً آخر يبلغ مع الأول نِصَاباً كان حكمه حكم ما لو كان الأَوَّل لا من جهة المعادن، فيجب في الآخر حَقّ المعدن على الأصَح، ولا يجب في الأول، لكن ينعقد الحول عليه من يَوْم النِّصَاب لِلْمُسْتَقبل إِلاَّ أن ينقص المبلغ عن النِّصَاب بإخراج حَقِّ الْمَعْدن، -والله أعلم-.

قال الغزالي: وَللْمُسْلِمِ أَنْ يُزْعِجَ الذِّمِّيِّ مِنْ مَعَادِنِ الإسْلاَمِ، وَلَكِنَّ مَا نَالَهُ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>