للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أصحهما: أنه شهادة إلا أن العَدَد سُومِحَ بِهِ، والبينات مختلفة المراتب.

والثاني -وبه قال أبو إسحاق-: أنه رواية، لأن الشَّهادة ما يكون الشَّاهِد فيها بَرِيئاً، وهذا خبر عما يستوي فيه المخبر وغير المُخْبِرِ، فأشبه رواية الخبر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

فعلى الأول لا يقبل فيه قَوْلُ المرأة والعَبْدِ، ويحكى ذلك عن نصه في "الأم"، وعلى الثاني يُقْبل.

وهل يشترط لَفْظُ الشَّهادة (١)؟.

قال الشَّيْخُ أَبُو عَلِيّ وَغَيْرُهُ: هو على الوجهين، ومنهم من قدر اشتراطه متفقاً عليه. واحتج به الوجه الأول، وهل يقبل قول الصّبي المميز الموثوق به على الوَجْهِ الثاني؟ قال الإمام فيه وجهان مبنيان على قبول رواية الصِّبيان، وجَزَمَ في "التهذيب" بعدم القبول مع حكاية الخلاف في روايته، وهو المشهور، وذكر الإمام وابن الصَّبَّاغ تفريعاً على الوَجْهِ الثَّانِي أنه إذا أخبره مَوْثُوقٌ بِهِ عن رؤية الهِلاَل لزم اتباع قوله وإن لمَ يذكر بين يدي القاضي.

وقالت طائفة: يجب الصَّوْمُ بِذَلِكَ إذا اعتقد المخبَر صَادِقاً، ولم يفرعوه على شيء، ومن هؤلاء ابْنُ عَبْدَانَ وَصَاحِبُ "التهذيب" وكذلك ذكره المصنف في "الإحياء" -والله أعلم-. وعلى القولين جميعاً لا يقبل قول الفاسق، لكن إن اعتبرنا العدد اعتبرنا العَدَالَة البَاطِنَة، وهي التي يرجع فيها إلى أقوال المُزَكِّيين.


= الراوي: وأما الأحكام الي يفترقان فيها فكثيرة لم أر من تعرض لجمعها، وأنا أذكر منها ما تيسر:
الأولى: العدد لا يشترط في الرواية بخلاف الشهادة.
الثاني: لا تشترط الذكورية فيها مطلقاً بخلاف الشهادة في بعض المواضع.
الثالث: لا تشترط الحرية فيها بخلاف الشهادة مطلقاً.
الرابع: لا يشترط فيها البلوغ في قول.
الخامس: تقبل شهادة المبتدع إلا الخطابية، ولو كان داعية. ولا تقبل رواية الداعية ولا غيره إن روى موافقة.
السادسة: تقبل شهادة التأنيس من الكذب دون روايته وغير ذلك من الفروق التي ذكرها السيوطي، فارجع إليها إن شئت. تدريب الراوي (١/ ٣٣١ - ٣٣٤) الفروق (١/ ٤).
(١) عبارة الروياني: وصفة الشهادة على الهلال أن يقول: رأيته في ناحية المغرب، ويذكر صغره وكبره وتدويره وتقديره، وأنه بحذاء الشمس أو في جانب مثلها، وأن ظهره إلى الجنوب أو الشمال، وأنه كان في السماء غيم أو لم يكن. وفائدة التنصيص على ذلك الاحتياط حتى إذا رؤي في الليلة الثانية ولم يكن بهذه الصفات بأن كذب الشاهد، لأن الهلال في الليلة الثانية لا يتحول عن صفاته التي طلع عليها بالأمس. قاله الخطيب في المغني (١/ ٤٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>